نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 103
الغريزي الذي للإنسان
إلى هذه الامور فكان الأنسب في التعبير أن يقال : زين للإنسان أو لبني آدم ونحوها كقوله
تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ )
التين ـ ٥ ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي
آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
الآية ) الأسرى ـ ٧٠
، وأما لفظ الناس فالأعرف منه أن يستعمل في الموارد التي فيها شيء من إلغاء الميز أو
حقاره الشخص ودناءة الفكر نحو قوله : (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ
إِلاَّ كُفُوراً)
الأسرى ـ ٨٩ ، وقوله : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى) الحجرات ـ ١٣
وغير ذلك.
وأما
ثالثاً : فلأن الامور التي عدها تعالى بياناً لهذه
الشهوات لا تناسب التزيين الفطري إذ كان الأنسب عليه أن يبدل لفظ النساء بما يؤدي معنى
مطلق الزوجية ، ولفظ البنين بالأولاد ، ولفظ القناطير المقنطرة ، بالأموال فإن الحب
الطبيعي موجود في النساء بالنسبة إلى الرجال كما هو موجود في الرجال بالنسبة إلى النساء
، وكذا هو مغروز في الإنسان بالنسبة إلى مطلق الأولاد ومطلق الأموال دون خصوص البنين
وخصوص القناطير المقنطرة ؛ ولذلك اضطر القائل بكون فاعل زين هو الله سبحانه أن يقول
: إن المراد حب مطلق الزوجية ومطلق الأولاد ومطلق الأموال وإنما ذكرت النساء والبنين
والقناطير لكونها أقوى الأفراد وأعرفها ثم تكلف في بيان ذلك بما لا موجب له.
واما
رابعاً : فلان كون التزيين هو المنسوب إلى الله سبحانه
لا يلائم قوله تعالى في آخر الآية : ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ
عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ ،
فإن ظاهره أنه كلام موضوع لصرفهم عن هذه الشهوات الدنيوية وتوجيه نفوسهم إلى ما عند
الله من الجنان والأزواج والرضوان ؛ ولا معنى للصرف عن المقدمة إلى ذي المقدمة فإن
في ذلك مناقضة ظاهرة وإبطالاً للأمرين معاً كالذي يريد الشبع ويمتنع عن الأكل.
فان
قلت : الآية أعني قوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ
حُبُّ الشَّهَوَاتِ)
« الخ » بحسب الملخص من معناها مساوقة لقوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ
آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) الأعراف ـ ٣٢ ، ولازم انطباق المعنى أن
يكون فاعل التزيين في هذه الآية أيضاً هو الله سبحانه.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 103