وعد له صلىاللهعليهوآله بالنصر والفتح وأنه سيرى الناس يدخلون في الإسلام فوجا
بعد فوج وأمره بالتسبيح حينئذ والتحميد والاستغفار ، والسورة مدنية نزلت بعد صلح
الحديبية وقبل فتح مكة على ما سنستظهر.
قوله
تعالى : « إِذا جاءَ نَصْرُ
اللهِ وَالْفَتْحُ » ظهور « إذا » المصدرة بها الآية في الاستقبال يستدعي أن يكون مضمون الآية
إخبارا بتحقق أمر لم يتحقق بعد ، وإذا كان المخبر به هو النصر والفتح وذلك مما تقر
به عين النبي صلىاللهعليهوآله فهو وعد جميل وبشرى له صلىاللهعليهوآله ويكون من ملاحم القرآن الكريم.
وليس المراد
بالنصر والفتح جنسهما حتى يصدقا على جميع المواقف التي أيد الله فيها نبيه صلىاللهعليهوآله على أعدائه وأظهر دينه على دينهم كما في حروبه ومغازيه
وإيمان الأنصار وأهل اليمن كما قبل إذ لا يلائمه قوله بعد : « وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً ».
وليس المراد
بذلك أيضا صلح الحديبية الذي سماه الله تعالى فتحا إذ قال « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ
فَتْحاً مُبِيناً » الفتح : ١ لعدم انطباق الآية الثانية بمضمونها عليه.
وأوضح ما يقبل
الانطباق عليه النصر والفتح المذكوران في الآية هو فتح مكة الذي هو أم فتوحاته « صلىاللهعليهوآله » في زمن حياته والنصر الباهر الذي انهدم به بنيان
الشرك في جزيرة العرب.
ويؤيده وعد
النصر الذي في الآيات النازلة في الحديبية « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً
لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللهُ
نَصْراً عَزِيزاً » الفتح : ٣ فإن من القريب جدا أن يكون ما في الآيات وعدا
بنصر عزيز يرتبط بفتح الحديبية وهو نصره تعالى نبيه « ص » على قريش حتى فتح مكة
بعد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 20 صفحه : 376