نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 20 صفحه : 339
مِنْ
بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ
» البقرة : ٢١٣ وقد مر
تفسير الآية.
وفي هذا المعنى
قوله تعالى : « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى
بَعْضٍ ـ إلى أن قال ـ
وَلَوْ
شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ
الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ
» البقرة : ٢٥٣.
وبالجملة
فالذين أوتوا الكتاب أعم من أهل الكتاب فقوله : « وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ » إلخ يشمل المشركين كما يشمل أهل الكتاب.
قوله
تعالى : « وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ » إلخ ضمير « أُمِرُوا » للذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أي لم يتضمن
رسالة الرسول صلىاللهعليهوآله والكتب القيمة التي في صحف الوحي إلا أمرهم بعبادة الله
تعالى بقيد الإخلاص في الدين فلا يشركوا به شيئا.
وقوله : « حُنَفاءَ » حال من ضمير الجمع وهو جمع حنيف من الحنف وهو الميل عن
جانبي الإفراط والتفريط إلى حاق وسط الاعتدال وقد سمى الله تعالى الإسلام دينا
حنيفا لأنه يأمر في جميع الأمور بلزوم الاعتدال والتحرز عن الإفراط وتفريط.
وقوله : « وَيُقِيمُوا
الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ » من قبيل ذكر الخاص بعد العام أو الجزء بعد الكل
اهتماما بأمره فالصلاة والزكاة على أركان الإسلام وهما التوجه العبودي الخاص إلى
الله وإنفاق المال في الله.
وقوله : « وَذلِكَ دِينُ
الْقَيِّمَةِ » أي دين الكتب القيمة على ما فسروا ، والمراد بالكتب القيمة إن كان جميع
الكتب السماوية أعني كتاب نوح ومن دونه من الأنبياء عليهمالسلام فالمعنى أن هذا الذي أمروا به ودعوا إليه في الدعوة
المحمدية هو الدين الذي كلفوا به في كتبهم القيمة وليس بأمر بدع فدين الله واحد
وعليهم أن يدينوا به لأنه القيم.
وإن كان المراد
به ما كان يتلوه النبي صلىاللهعليهوآله من الكتب القيمة التي في الصحف المطهرة فالمعنى أنهم لم
يؤمروا في الدعوة الإسلامية إلا بأحكام وقضايا هي القيمة الحافظة لمصالح المجتمع
الإنساني فلا يسعهم إلا أن يؤمنوا بها ويتدينوا.
فالآية على أي
حال تشير إلى كون دين التوحيد الذي يتضمنه القرآن الكريم المصدق لما بين يديه من
الكتاب والمهيمن [١] عليه فيما يأمر المجتمع البشري قائما بأمرهم حافظا