نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 20 صفحه : 29
وقوله : « لَوْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ » متعلق بأول الكلام أي لو كنتم تعلمون أن لله أجلين وأن أجله إذا جاء لا
يؤخر استجبتم دعوتي وعبدتم الله واتقيتموه وأطعتموني هذا فمفعول « تَعْلَمُونَ » محذوف يدل عليه سابق الكلام.
وقيل : إن « تَعْلَمُونَ » منزل منزلة الفعل اللازم ، وجواب لو متعلق بأول الكلام
، والمعنى : لو كنتم من أهل العلم لاستجبتم دعوتي وآمنتم ، أو متعلق بآخر الكلام ،
والمعنى : لو كنتم من أهل العلم لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
قوله
تعالى : « قالَ رَبِّ إِنِّي
دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً » القائل هو نوح عليهالسلام والذي دعا إليه هو عبادة الله وتقواه وطاعة رسوله ،
والدعاء ليلا ونهارا كناية عن دوامه من غير فتور ولا توان.
وقوله : « فَلَمْ يَزِدْهُمْ
دُعائِي إِلَّا فِراراً » أي من إجابة دعوتي فالمراد بالفرار التمرد والتأبي عن القبول استعارة ،
وإسناد زيادة الفرار إلى دعائه لما فيه من شائبة السببية لأن الخير إذا وقع في محل
غير صالح قاومه المحل بما فيه من الفساد فأفسده فانقلب شرا ، وقد قال تعالى في صفة
القرآن : «
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا
يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً
» إسراء ٨٢.
قوله
تعالى : « وَإِنِّي كُلَّما
دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ
وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ » إلخ ذكر مغفرته تعالى غاية لدعوته والأصل ( دعوتهم ليؤمنوا فتغفر لهم ) »
لأن الغرض الإشارة إلى أنه كان ناصحا لهم في دعوته ولم يرد إلا ما فيه خير دنياهم
وعقباهم.
وقوله : « جَعَلُوا
أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ » كناية عن استنكافهم عن الاستماع إلى دعوته ، وقوله : « وَاسْتَغْشَوْا
ثِيابَهُمْ » أي غطوا بها رءوسهم ووجوههم لئلا يروني ولا يسمعوا كلامي وهو كناية عن
التنفر وعدم الاستماع إلى قوله.
وقوله : «وَأَصَرُّوا
وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً » أي وألحوا على الامتناع من الاستماع واستكبروا عن قبول
دعوتي استكبارا عجيبا.
قوله
تعالى : « ثُمَّ إِنِّي
دَعَوْتُهُمْ جِهاراً » « ثُمَ » للتراخي بحسب رتبة الكلام والجهار النداء بأعلى الصوت.