responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 20  صفحه : 121

فقيل : الإنسان فكونه مذكورا كناية عن كونه موجودا بالفعل فالنفي في قوله : « لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً » متوجه إلى كونه شيئا مذكورا لا إلى أصل كونه شيئا فقد كان شيئا ولم يكن شيئا مذكورا ويؤيده قوله : « إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ » إلخ فقد كان موجودا بمادته ولم يتكون بعد إنسانا بالفعل والآية وما يتلوها من الآيات واقعة في سياق الاحتجاج يبين بها أن الإنسان حادث يحتاج في وجوده إلى صانع يصنعه وخالق يخلقه ، وقد خلقه ربه وجهزه التدبير الربوبي بأدوات الشعور من السمع والبصر يهتدي بها إلى السبيل الحق الذي من الواجب أن يسلكه مدى حياته فإن كفر فمصيره إلى عذاب أليم وإن شكر فإلى نعيم مقيم.

والمعنى هل أتى ـ قد أتى ـ على الإنسان قطعة محدودة من هذا الزمان الممتد ـ غير المحدود والحال أنه لم يكن موجودا بالفعل مذكورا في عداد المذكورات.

قوله تعالى : « إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً » النطفة في الأصل بمعنى الماء القليل غلب استعماله في ماء الذكور من الحيوان الذي يتكون منه مثله ، وأمشاج جمع مشيج أو المشج بفتحتين أو بفتح فكسر بمعنى المختلط الممتزج ، ووصفت بها النطفة باعتبار أجزائها المختلفة أو اختلاط ماء الذكور والإناث.

والابتلاء نقل الشيء من حال إلى حال ومن طور إلى طور كابتلاء الذهب في البوتقة ، وابتلاؤه تعالى الإنسان في خلقه من النطفة هو ما ذكره في مواضع من كلامه أنه يخلق النطفة فيجعلها علقة والعلقة مضغة إلى آخر الأطوار التي تتعاقبها حتى ينشئه خلقا آخر.

وقيل : المراد بابتلائه امتحانه بالتكليف ، ويدفعه تفريع قوله : « فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً » على الابتلاء ولو كان المراد به التكليف كان من الواجب تفريعه على جعله سميعا بصيرا لا بالعكس ، والجواب عنه بأن في الكلام تقديما وتأخيرا والتقدير إنا خلقناه من نطفة أمشاج فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، لا يصغي إليه.

وقوله : « فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً » سياق الآيات وخاصة قوله : « إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ » إلخ يفيد أن ذكر جعله سميعا بصيرا للتوسل به في التدبير الربوبي إلى غايته وهي أن يرى آيات الله الدالة على المبدإ والمعاد ويسمع كلمة الحق التي تأتيه من جانب ربه بإرسال الرسل وإنزال الكتب فيدعوه البصر والسمع إلى سلوك سبيل الحق والسير في مسير الحياة بالإيمان والعمل الصالح فإن لزم السبيل الذي هدي إليه أداه إلى نعيم الأبد وإلا فإلى عذاب مخلد.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 20  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست