نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 441
من رسله ، وهم في
ذلك حافظون لحكم موقفهم الذي أحاطت به ذلة العبودية وعزة الربوبية ، فانهم مع
إجابتهم المطلقة لداعي الحق اعترفوا بعجزهم عن إيفاء حق الاجابة.
لان وجودهم مبني على الضعف والجهل فربما
قصروا عن التحفظ بوظائف المراقبة بنسيان أو خطأ ، أو قصروا في القيام بواجب
العبودية فخانتهم أنفسهم بارتكاب سيئة يوردهم مورد السخط والمؤاخذة كما اورد أهل
الكتاب من قبلهم ، فالتجأوا إلى جناب العزة ومنبع الرحمة ان لا يؤاخذهم إن نسوا أو
أخطأوا ، ولا يحمل عليهم إصرا ، ولا يحملهم ما لا طاقة لهم به ، وأن يعفو عنهم
ويغفر لهم وينصرهم على القوم الكافرين.
فهذا هو المقام الذي يعتمد عليه البيان
في الآيتين الكريمتين ، وهو الموافق كما ترى للغرض المحصل من السورة ، لا ما ذكروه
: أن الآيتين متعلقتا المضمون بقوله في الآية السابقة : إن تبدوا ما في أنفسكم
أو تخفوه يحاسبكم به الله الاية الدال
على التكليف بما لا يطاق ، وأن الاية الاولى : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
والمؤمنون الاية ، حكاية لقبول الاصحاب تكليف ما لا يطاق ، والاية الثانية ناسخة
لذلك !
وما ذكرناه هو المناسب لما ذكروه في سبب
النزول : أن البقرة أول سورة نزلت بالمدينة فان هجرة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة واستقراره فيها لما قارن
الاستقبال التام من مؤمني الانصار للدين الالهي وقيامهم لنصرة رسول الله بالاموال
والانفس ، وترك المؤمنين من المهاجرين الاهلين والبنين والاموال والاوطان في جنب
الله ولحوقهم برسوله كان هو الموقع الذي يناسب أن يقع فيه حمد من الله سبحانه
لاجابتهم دعوة نبيه بالسمع والقبول ، وشكر منه لهم ، ويدل عليه بعض الدلالة آخر
الاية : أنت مولانا
فانصرنا على القوم الكافرين فان الجملة
يؤمي إلى ان سؤالهم هذا كان في اوائل ظهور الاسلام.
وفي الآية من الاجمال والتفصيل ،
والايجاز ثم الاطناب ، وأدب العبودية وجمع مجامع الكمال والسعادة عجائب.
قوله
تعالى :آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ،
تصديق لايمان الرسول والمؤمنون ، وإنما أفرد رسول الله عنهم بالايمان بما أنزل
إليه من ربه ثم ألحقهم به تشريفا له ، وهذا دأب القرآن في الموارد التي تناسب
التشريف أن يكرم النبي بإفراده وتقديم ذكره ثم اتباع ذلك بذكر المؤمنين كقوله
تعالى : ( فأنزل
الله سكينته
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 441