responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 2  صفحه : 436

قوله تعالى : وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ، الابداء هو الاظهار مقابل الاخفاء ، ومعنى ما في أنفسكم ما استقر في أنفسكم على ما يعرفه أهل العرف واللغة من معناه ، ولا مستقر في النفس إلا الملكات والصفات من الفضائل والرذائل كالايمان والكفر والحب والبغض والعزم وغيرها فإنها هي التي تقبل الاظهار والاخفاء. أما إظهارها فإنما تتم بأفعال مناسبة لها تصدر من طريق الجوارح يدركها الحس ويحكم العقل بوجود تلك المصادر النفسية المسانخة لها ، إذ لولا تلك الصفات والملكات النفسانية من إرادة وكراهة وإيمان وكفر وحب وبغض وغير ذلك لم تصدر هذه الافعال ، فبصدور الافعال يظهر للعقل وجود ما هو منشأها. وأما إخفائها فبالكف عن فعل ما يدل على وجودها في النفس.

وبالجملة ظاهر قوله : ما في أنفسكم ، الثبوت والاستقرار في النفس ، ولا يعني بهذا الاستقرار التمكن في النفس بحيث يمتنع الزوال كالملكات الراسخة ، بل ثبوتا تاما يعتد به في صدور الفعل كما يشعر به قوله : إن تبدوا وقوله : أو تخفوها فان الوصفين يدلان على ان ما في النفس بحيث يمكن ان يكون منشئأ للظهور أو غير منشأ له وهو الخفاء ، وهذه الصفات يمكن ان تكون كذلك سواء كانت أحوالا أو ملكات ، وأما الخطورات والهواجس النفسانية الطارقة على النفس من غير إرادة من الانسان وكذلك التصورات الساذجة التي لاتصديق معها كتصور صور المعاصي من غير نزوع وعزم فلفظ الآية غير شامل لها البتة لانها كما عرفت غير مستقرة في النفس ، ولا منشأ لصدور الافعال.

فتحصل : ان الآية إنما تدل على الاحوال والملكات النفسانية التي هي مصادر الافعال من الطاعات والمعاصي ، وأن الله سبحانه وتعالى يحاسب الانسان بها ، فتكون الآية في مساق قوله تعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) البقرة ـ ٢٢٥ ، وقوله تعالى : ( فانه آثم قلبه ) البقرة ـ ٢٨٣ ، وقوله تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا ) الاسراء ـ ٣٦ ، فجميع هذه الآيات دالة على أن للقلوب وهي النفوس أحوالا وأوصافا يحاسب الانسان بها ، وكذا قوله تعالى : ( إن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) النور ـ ٩ ، فانها ظاهرة في ان العذاب إنما هو على الحب الذي هو أمر قلبي ، هذا.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 2  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست