نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 431
آخرون لحرمانهم.
(
بحث آخر علمي )
قال الغزالي في كتاب الشكر من الاحياء :
من نعم الله تعالى خلق الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا ، وهما حجران لا منفعة
في اعيانهما ولكن يضطر الخلق اليهما من حيث أن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة في
مطعمه وملبسه وسائر حاجاته ، وقد يعجز عما يحتاج إليه ويملك ما يستغني عنه ، كمن
يملك الزعفران وهو محتاج إلى جمل يركبه ومن يملك الجمل وربما يستغني عنه ويحتاج
إلى الزعفران فلا بد بينهما من معاوضة ، ولابد في مقدار العوض من تقدير ، إذ لا
يبذل صاحب الجمل جمله بكل مقدار من الزعفران ، ولا مناسبة بين الزعفران والجمل حتى
يقال : يعطى مثله في الوزن أو الصورة ، وكذا من يشتري دارا بثياب أو عبدا بخف أو
دقيقا بحمار فهذه الاشياء لا تناسب فيها ، فلا يدري ان الجمل كم يسوى بالزعفران
فتتعذر المعاملات جدا ، فافتقرت هذه الاعيان المتنافرة المتباعدة إلى متوسط بينهما
يحكم فيها بحكم عدل فيعرف من كل واحد رتبته ومنزلته حتى إذا تقررت المراتب ،
وترتبت الرتب علم بعد ذلك المساوي من غير المساوي ، فخلق الله تعالى الدنانير
والدراهم حاكمين ومتوسطين بين الاموال حتى تقدر الاموال بهما ، فيقال : هذا الجمل
يساوي مأة دينار وهذا المقدار من الزعفران يسوى مأة ، فهما من حيث انهما متساويان
لشئ واحد متساويان ، وانما أمكن التعديل بالنقدين إذ لاغرض في أعيانهما ، ولو كان
في أعيانهما غرض ربما اقتضى خصوص ذلك الغرض في حق صاحب الغرض ترجيحا ولم يقتض ذلك
في حق من لاغرض له فلا ينتظم الامر ، فإذن خلقهما الله تعالى لتتداولهما الايدي ،
ويكونا حاكمين بين الاموال بالعدل.ولحكمة أخرى وهي : التوسل بهما إلى سائر الاشياء
لانهما عزيز ان في أنفسهما ، ولاغرض في اعيانهما ، ونسبتهما إلى سائر الاموال نسبة
واحدة ، فمن ملكهما فكأنه ملك كل شيء ، لاكمن ملك ثوبا فإنه لم يملك إلا الثوب ،
فلو احتاج إلى طعام ربما لم يرغب صاحب الطعام في الثوب لان غرضه في دابه مثلا ،
فاحتيج إلى شيء آخر هو في صورته كأنه ليس بشئ وهو في معناه كأنه كل الاشياء ،
والشئ انما تستوي نسبته إلى المختلفات إذ لم تكن له صورة خاصة يفيدها بخصوصها ،
كالمرآة لالون لها وتحكي كل لون فكذلك النقد لاغرض فيه وهو وسيلد إلى كل غرض ،
وكالحرف لا معنى له في نفسه وتظهر به المعاني في غيره ، فهذه هي الحكمة الثانية.
وفيهما ايضا حكم يطول ذكرها.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 431