نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 397
لقبله فهو من
الكبائر ، وأنه لا يقبل التوبة ، ويتأيد بذلك ما وردت به الروايات : أن التوبة في
حقوق الناس غير مقبولة إلا برد الحق إلى مستحقه ، وأنه لا يقبل الشفاعة يوم
القيامة كما يدل عليه قوله تعالى :
إلا أصحاب اليمين في جنات يتسائلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من
المصلين ولم نك نطعم المسكين إلى
أن قال : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) المدثر ـ ٤٨.
وثالثا
: أن هذا الظالم غير مرتضى عند الله إذ
لا شفاعة إلا لمن ارتضى الله دينه كما مر بيانه في بحث الشفاعة ، ومن هنا تظهر
النكتة في قوله تعالى : ينفقون
أموالهم ابتغاء مرضاة الله ، حيث أتى
بالمرضاة ولم يقل ابتغاء وجه الله.
ورابعا
: أن الامتناع من أصل انفاق المال على
الفقراء مع وجودهم واحتياجهم من الكبائر الموبقة ، وقد عد تعالى الامتناع عن بعض
أقسامه كالزكاة شركا بالله وكفرا بالآخرة ، قال تعالى : ( ويل
للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون ) فصلت ـ ٧ ، والسورة مكية ولم تكن شرعت
الزكاة المعروفة عند نزولها.
قوله
تعالى : إن
تبدوا الصدقات فنعما هي الخ ، الابداء هو
الاظهار ، والصدقات جمع صدقة ، وهي مطلق الانفاق في سبيل الله أعم من الواجب
والمندوب وربما يقال : إن الاصل في معناها الانفاق المندوب.
وقد مدح الله سبحانه كلا من شقى الترديد
، لكون كل واحد من الشقين ذا آثار صالحة ، فأما اظهار الصدقة فإن فيه دعوة عملية
إلى المعروف ، وتشويقا للناس إلى البذل والانفاق ، وتطييبا لنفوس الفقراء
والمساكين حيث يشاهدون أن في المجتمع رجالا رحماء بحالهم ، وأموالا موضوعة لرفع
حوائجهم ، مدخرة ليوم بؤسهم فيؤدي إلى زوال اليأس والقنوط عن نفوسهم ، وحصول
النشاط لهم في أعمالهم ، واعتقاد وحدة العمل والكسب بينهم وبين الاغنياء المثرين ،
وفي ذلك كل الخير ، وأما اخفائها فإنه حينئذ يكون أبعد من الرياء والمن والاذى ،
وفيه حفظ لنفوس المحتاجين عن الخزي والمذلة ، وصون لماء وجوههم عن الابتذال ، وكلائة
لظاهر كرامتهم ، فصدقة العلن أكثر نتاجا ، وصدقة السر أخلص طهارة.
ولما كان بناء الدين على الاخلاص وكان
العمل كلما قرب من الاخلاص كان أقرب
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 397