نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 388
فالعين واليد وإن
كانا عضوين اثنين من حيث الاسم والفعل ظاهرا ، لكن الخلقة إنما جهز الانسان بالبصر
ليميز به الاشياء ضوئا ولونا وقربا وبعدا فتتناول اليد ما يجب أن يجلبه الانسان
لنفسه ، وتدفع ما يجب أن يدفعه عن نفسه ، فإذا سقطت اليد عن التأثير وجب أن يتدارك
الانسان ما يفوته من عامة فوائدها بسائر اعضائه فيقاسي أولا كدا وتعبا لا يتحمل
عادة ، وينقص من أفعال سائر الاعضاء بمقدار ما يستعملها في موضع العضو الساقط عن
التأثير ، وأما لو أصلح حال يده الفاسدة بفضل ما ادخره لبعض الاعضاء الاخر كان في
ذلك إصلاح حال الجميع ، وعاد إليه من الفائدة الحقيقية أضعاف ما فاته من الفضل
المفيد أضعافا ربما زاد على المآت والالوف بما يورث من إصلاح حال الغير ، ودفع
الرذائل التي يمكنها الفقر والحاجة في نفسه ، وإيجاد المحبة في قلبه ، وحسن الذكر
في لسانه ، والنشاط في عمله ، والمجتمع يربط جميع ذلك ويرجعه إلى المنفق لا محالة
، ولا سيما إذا كان الانفاق لدفع الحوائج النوعية كالتعليم والتربية ونحو ذلك ،
فهذا حال الانفاق.
وإذا كان الانفاق في سبيل الله وابتغاء
مرضات الله كان النماء والزيادة من لوازمه من غير تخلف ، فإن الانفاق لو لم يكن
لوجه الله لم يكن إلا لفائدة عائدة إلى نفس المنفق كإنفاق الغني للفقير لدفع شره ،
أو إنفاق المثري الموسر للمعسر ليدفع حاجته ويعتدل حال المجتمع فيصفو للمثري
المنفق عيشه ، وهذا نوع استخدام للفقير واستثمار منه لنفع نفسه ، ربما أورث في نفس
الفقير أثرا سيئا ، وربما تراكمت الآثار وظهرت فكانت بلوى ، لكن الانفاق الذي
لايراد به إلا وجه الله ولا يبتغي فيه إلا مرضاته خال عن هذه النواقص لا يؤثر إلا
الجميل ولا يتعقبه إلا الخير
قوله
تعالى :الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا
يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى
الخ الاتباع اللحوق والالحاق ، قال تعالى : ( فأتبعوهم مشرقين ) الشعراء ـ ٦٠ ، أي لحقوهم ، وقال تعالى
: ( فأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ) القصص ـ ٤٢ ، أي ألحقناهم. والمن هو
ذكر ما ينغص المعروف كقول المنعم للمنعم عليه : أنعمت عليك بكذا وكذا ونحو ذلك ،
والاصل في معناه على ما قيل القطع ، ومنه قوله تعالى : ( لهم أجر غير ممنون ) فصلت ـ ٨ ، أي غير مقطوع ، والاذى
الضرر العاجل أو الضرر اليسير ، والخوف توقع الضرر ، والحزن الغم الذي يغلظ على
النفس من مكروه واقع أو كالواقع.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 388