نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 356
(
كلام في الاحسان وهدايته والظلم واضلاله )
هذه حقيقة ثابتة بينها القرآن الكريم
كما ذكرناه آنفا ، وهي كلية لاتقبل الاستثناء وقد ذكرها بألسنة مختلفة وبنى عليها
حقائق كثيرة من معارفه ، قال تعالى : ( الذي اعطى كل شيء
خلقه ثم هدى )
طه ـ ٥٠ ، دل على ان كل شيء بعد تمام خلقه يهتدي بهداية من الله سبحانه إلى مقاصد
وجوده وكمالات ذاته ، وليس ذلك الا بارتباطه مع غيره من الاشياء واستفادته منها
بالفعل والانفعال بالاجتماع والافتراق والاتصال والانفصال والقرب والبعد والاخذ
والترك ونحو ذلك ، ومن المعلوم ان الامور التكوينية لا تغلط في آثارها ، والقصود
الواقعية لاتخطي ولا تخبط في تشخيص غاياتها ومقاصدها ، فالنار في مسها الحطب مثلا
وهي حارة لا تريد تبريده ، والنامي كالنبات مثلا وهو نام لا يقصد إلا عظم الحجم
دون صغره وهكذا ، وقد قال تعالى : ( ان ربي على صراط
مستقيم )
هود ـ ٥٦ ، فلا تخلف ولا اختلاف في الوجود.
ولازم هاتين المقدمتين أعني عموم
الهداية وانتفاء الخطأ في التكوين ان يكون لكل شيء روابط حقيقية مع غيره ، وان
يكون بين كل شيء وبين الآثار والغايات التي يقصد لها طريق أو طرق مخصوصة هي
المسلوكة للبلوغ إلى غايته والاثر المخصوص المقصود منه ، وكذلك الغايات والمقاصد
الوجودية انما تنال إذا سلك إليها من الطرق الخاصة بها والسبل الموصلة إليها ،
فالبذرة انما تنبت الشجرة التي في قوتها انباتها مع سلوك الطريق المؤدي إليها
بأسبابها وشرائطها الخاصة ، وكذلك الشجرة انما تثمر الثمرة التي من شأنها اثمارها
، فما كل سبب يؤدي إلى كل مسبب ، قال تعالى : ( والبلد الطيب يخرج
نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا ) الاعراف ـ ٥٨ ، والعقل والحس يشهدان
بذلك والا اختل قانون العلية العام.
وإذا كان كذلك فالصنع والايجاد يهدي كل
شيء إلى غاية خاصة ، ولايهديه إلى غيرها ، ويهدي إلى كل غاية من طريق خاص لا يهدي
إليها من غيره ، صنع الله التي اتقن كل شيء ، فكل سلسلة من هذه السلاسل الوجودية
الموصلة إلى غاية واثر إذا فرضنا تبدل حلقة من حلقاتها أوجب ذلك تبدل اثرها لا
محالة ، هذا في الامور التكوينية.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 356