نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 351
حضر ، فإن ابراهيم عليهالسلام إنما أراد بقوله : ربي الذي يحيي ويميت
، الحياة والموت المشهودين في هذه الموجودات الحية الشاعرة المريدة فإن هذه الحياة
المجهولة لكنه لا يستطيع ان يوجدها إلا من هو واجد لها فلا يمكن ان يعلل بالطبيعة
الجامدة الفاقدة لها ، ولا بشيء من هذه الموجودات الحية ، فإن حياتها هي وجودها ،
وموتها عدمها ، والشئ لا يقوى لا على إيجاد نفسه ولا على إعدام نفسه ، ولو كان
نمرود اخذ هذا الكلام بالمعنى الذي له لم يمكنه معارضته بشئ لكنه غالط فأخذ الحياة
والموت بمعناهما المجازي أو الاعم من معناهما الحقيقي والمجازي فإن الاحياء كما
يقال على جعل الحياة في شيء كالجنين إذا نفخت فيه الحياة كذلك يقال : على تلخيص
إنسان من ورطة الهلاك ، وكذا الاماتة تطلق على التوفي وهو فعل الله وعلى مثل القتل
بآلة قتالة ، وعند ذلك أمر بإحضار رجلين من السجن فأمر بقتل أحدهما وإطلاق الآخر
فقتل هذا واطلق ذاك فقال : انا أحيي وأميت ، ولبس الامر على الحاضرين فصدقوه فيه ،
ولم يستطع لذلك ابراهيم عليهالسلام
ان يبين له وجه المغالطة ، وانه لم يرد بالاحياء والاماتة هذا المعنى المجازي ،
وان الحجة لا تعارض الحجة ، ولو كان في وسعه عليهالسلام
ذلك لبينه ، ولم يكن ذلك إلا لانه شاهد حال نمرود في تمويهه ، وحال الحضار في
تصديقهم لقوله الباطل على العمياء ، فوجد انه لو بين وجه المغالطة لم يصدقه أحد ،
فعدل إلى حجة اخرى لا يدع المكابر ان يعارضه بشيء فقال ابراهيم عليهالسلام : إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت
بها من المغرب ، وذلك ان الشمس وإن كانت من جملة الآلهة عندهم أو عند بعضهم كما
يظهر من ما يرجع إلى الكوكب والقمر من قصته عليهالسلام
لكنها وما يلحق وجودها من الافعال كالطلوع والغروب مما يستند بالاخرة إلى الله الذي
كانوا يرونه رب الارباب ، والفاعل الارادي إذا اختار فعلا بالارادة كان له ان
يختار خلافه كما اختار نفسه فإن الامر يدور مدار الارادة ، وبالجملة لما قال
ابراهيم ذلك بهت نمرود ، إذ ما كان يسعه ان يقول : إن هذا الامر المستمر الجاري
على وتيرة واحدة وهو طلوعها من المشرق دائما امر اتفاقي لا يحتاج إلى سبب ، ولا
كان يسعه ان يقول : إنه فعل مستند إليها غير مستند إلى الله فقد كان يسلم خلاف ذلك
، ولا كان يسعه ان يقول : إني انا الذي آتيها من المشرق وإلا طولب بإتيانها من
المغرب ، فألقمه الله حجرا وبهته ، والله لا يهدي القوم الظالمين.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 351