قوله
تعالى :لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى ،
الاكراه هو الاجبار والحمل على الفعل من غير رضى ، والرشد بالضم والضمتين : إصابة
وجه الامر ومحجة الطريق ويقابله الغى ، فهما أعم من الهدى والضلال ، فإنهما إصابة
الطريق الموصل وعدمها على ما قيل ، والظاهر ان استعمال الرشد في اصابة محجة الطريق
من باب الانطباق على المصداق ، فإن اصابة وجه الامر من سالك الطريق ان يركب المحجة
وسواء السبيل ، فلزومه الطريق من مصاديق اصابة وجه الامر ، فالحق ان معنى الرشد
والهدى معنيان مختلفان ينطبق أحدهما بعناية خاصة على مصاديق الآخر وهو ظاهر ، قال
تعالى : ( فإن آنستم منهم رشدا ) النساء ـ ٦ ، وقال تعالى : ( ولقد
آتينا إبراهيم رشده من قبل )
الانبياء ـ ٥١ ، وكذلك القول في الغي والضلال ، ولذلك ذكرنا سابقا : ان الضلال هو
العدول عن الطريق مع ذكر الغاية والمقصد ، والغى هو العدول مع نسيان الغاية فلا
يدري الانسان الغوي ماذا يريد وماذا يقصد.
وفي قوله تعالى :لا اكراه
في الدين ، نفى الدين الاجباري ، لما أن الدين
وهو سلسلة من المعارف العلمية التي تتبعها أخرى عملية يجمعها أنها اعتقادات ،
والاعتقاد والايمان من الامور القلبية التي لا يحكم فيها الاكراه والاجبار ، فإن
الاكراه انما يؤثر في
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 342