نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 305
الغالبون
) الصافات ـ
١٧٣ ، وقوله تعالى : ( والله غالب على أمره ) يوسف ـ ٢١.
وكذا الآية الثانية التي أوردها أعني
قوله تعالى : أنزل من
السماء مائا فسالت أودية بقدرها
( الخ ) ، مسوقة لبيان بقاء الحق وزهوق الباطل سواء كان على نحو التنازع كما في
الحق والباطل الذين هما معا من سنخ الماديات والبقاء بينهما بنحو التنازع ، أو لم
يكن على نحو التنازع ، والمضادة كما في الحق والباطل الذين هما بين الماديات
والمعنويات فإن المعنى ، ونعني به الموجود المجرد عن المادة ، مقدم على المادة غير
مغلوب في حال اصلا ، فالتقدم والبقاء للمعنى على الصورة من غير تنازع ، وكما في
الحق والباطل الذين هما معا من سنخ المعنويات والمجردات ، وقد قال تعالى : ( وعنت
الوجوه للحي القيوم )
طه ـ ١١١ ، وقال تعالى : ( له ما في السماوات
والارض كل له قانتون)
البقرة ـ ١١٦ ، وقال تعالى : ( وان إلى ربك المنتهى ) النجم ـ ٤٢ ، فهو تعالى ، غالب على كل
شيء ، وهو الواحد القهار.
وأما الآية التي نحن فيها أعني قوله
تعالى : ولو لا
دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض الآية
، فقد عرفت انها في مقام الاشارة إلى حقيقة يتكى عليه الاجتماع الانساني الذي به
عمارة الارض ، وباختلاله يختل العمران وتفسد الارض ، وهي غريزة الاستخدام الذي جبل
عليه الانسان ، وتأديتها إلى التصالح في المنافع أعني التمدن والاجتماع التعاوني ،
وهذا المعنى وإن كان بعض أعراقه واصوله التنازع في البقاء والانتخاب الطبيعي ،
لكنه مع ذلك هو السبب القريب الذي يقوم عليه عمارة الارض ومصونيتها عن الفساد ، فينبغي ان تحمل الآية
التي تريد إعطاء السبب في عدم طروق الفساد على الارض عليه لا على ما ذكر من
القاعدتين.
وبعبارة أخرى واضحة : القاعدتان وهما
التنازع في البقاء والانتخاب الطبيعي توجبان انحلال الكثرة وعودتها إلى الواحدة
فإن كلا من المتناز عين يريد بالنزاع إفناء الآخر وضم ما له من الوجود ومزاياه إلى
نفسه ، والطبيعة بالانتخاب تريد ان يكون الواحد الذي هو الباقي منهما أقويهما
وأمثلهما فنتيجة جريان القاعدتين فساد الكثرة وبطلانها وتبدلها إلى واحد أمثل ،
وهذا أمر ينافي الاجتماع والتعاون والاشتراك في الحياة الذي يطلبه الانسان بفطرته
ويهتدي إليه بغريزته وبه عمارة الارض بهذا النوع ، لا إفناء قوم منه قوما ، وأكل
بعضهم بعضا ، والدفع الذي تعمر به الارض ويصان
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 305