نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 274
فهدى
) الاعلى ـ ٣
، وقال تعالى : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقويها ) الشمس ـ ٨ ، إلى غير ذلك من آيات
القدر.
فالاشياء ومن جملتها الانسان إنما تهتدي
في وجودها وحياتها إلى ما خلقت له وجهزت بما يكفيه ويصلح له من الخلقة ، والحياة
القيمة بسعادة الانسان هي التي تنطبق أعمالها على الخلقة والفطرة انطباقا تاما ،
وتنتهي وظائفها وتكاليفها إلى الطبيعة انتهائا صحيحا ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله
تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر
الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الروم ـ ٣٠ ،
والذي تقتضيه الفطرة في أمر الوظائف
والحقوق الاجتماعية بين الافراد ـ على أن الجميع إنسان ذو فطرة بشرية ـ أن يساوي
بينهم في الحقوق والوظائف من غير ان يحبا بعض ويضطهد آخرون بإبطال حقوقهم ، لكن
ليس مقتضى هذه التسوية التي يحكم بها العدل الاجتماعي أن يبذل كل مقام اجتماعي لكل
فرد من أفراد المجتمع ، فيتقلد الصبي مثلا على صباوته والسفيه على سفاهته ما
يتقلده الانسان العاقل المجرب ، أو يتناول الضعيف العاجز ما يتناوله القوي المتقدر
من الشؤون والدرجات ، فإن في تسوية حال الصالح وغير الصالح إفسادا لحالهما معا.
بل الذي يقتضيه العدل الاجتماعي ويفسر
به معنى التسوية ، ان يعطى كل ذي حق حقه وينزل منزلته ، فالتساوي بين الافراد والطبقات
إنما هو في نيل كل ذي حق خصوص حقه من غير أن يزاحم حق حقا ، أو يهمل اويبطل حق
بغيا أو تحكما ونحو ذلك ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن
بالمعروف وللرجال عليهن درجة الآية ،
كما مر بيانه ، فإن الآية تصرح بالتساوي في عين تقرير الاختلاف بينهن وبين الرجال.
ثم إن اشتراك القبيلين اعني الرجال
والنساء في اصول المواهب الوجودية اعني ، الفكر والارادة المولدتين للاختيار
يستدعي اشتراكها مع الرجل في حرية الفكر والارادة اعني الاختيار ، فلها الاستقلال
بالتصرف في جميع شؤون حياتها الفردية والاجتماعية عدا ما منع عنه مانع ، وقد
اعطاها الاسلام هذا الاستقلال والحرية على أتم الوجوه كما سمعت فيما تقدم ، فصارت
بنعمة الله سبحانه مستقلة بنفسها منفكة الارادة والعمل عن
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 274