نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 235
إليه هي المعارف
المذكورة في الايتين وهي احكام فقهية مشوبة بمسائل اخلاقية ، وأخرى علمية مبتنية
على معارف اصلية ، والاعتداء والتعدي هو التجاوز.
وربما استشعر من الآية عدم جواز التفرقة
بين الاحكام الفقهية والاصول الاخلاقية ، والاقتصار في العمل بمجرد الاحكام
الفقهية والجمود على الظواهر والتقشف فيها ، فإن في ذلك إبطالا لمصالح التشريع
وإماتة لغرض الدين وسعادة الحياة الانسانية ، فإن الاسلام كما مر مرارا دين الفعل
دون القول ، وشريعة العمل دون الفرض ، ولم يبلغ المسلمون إلى ما بلغوا من الانحطاط
والسقوط إلا بالاقتصار على اجساد الاحكام والاعراض عن روحها وباطن أمرها ، ويدل
على ذلك ما سيأتي من قوله تعالى : ( ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه الآية
) البقرة ـ
٢٣١.
وفي الآية التفات عن خطاب الجمع في قوله
: ولا يحل لكم ، وقوله : فإن خفتم إلى خطاب المفرد في قوله : تلك حدود الله ، ثم
إلى الجمع في قوله : فلا تعتدوها ، ثم إلى المفرد في قوله : فاولئك هم الظالمون ،
فيفيد تنشيط ذهن المخاطب وتنبيهه للتيقظ ورفع الكسل في الاصغاء.
قوله
تعالى :
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره إلى
آخر الآية ، بيان لحكم التطليقة الثالثة وهو الحرمة حتى تنكح زوجا غيره ، وقد نفى
الحل عن نفس الزوجة مع ان المحرم إنما هو عقدها أو وطئها ليدل به على تعلق الحرمة
بهما جميعا ، وليشعر قوله تعالى : حتى
تنكح زوجا غيره ، على العقد والوطئ
جميعا ، فإن طلقها الزوج الثاني فلا جناح عليهما أي على المرأة والزوج الاول ان
يتراجعا إلى الزوجية بالعقد بالتوافق من الجانبين ، وهو التراجع ، وليس بالرجوع
الذي كان حقا للزوج في التطليقتين الاوليين ، وذلك إن ظنا ان يقيما حدود الله.
ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله تعالى
: وتلك حدود
الله ، لان المراد بالحدود غير الحدود.
وفي الآية من عجيب الايجاز مايبهت العقل
، فإن الكلام على قصره مشتمل على أربعة عشر ضميرا مع اختلاف مراجعها واختلاطها من
غير ان يوجب تعقيدا في الكلام ، ولا إغلاقا في الفهم.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 235