نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 168
وقوله تعالى : ( إن الذين
كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله
شيئا وسيحبط اعمالهم ، يا ايها الذين آمنوا
اطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم ) محمد ـ ٣٣ ، وذيل الآية يدل بالمقابلة
على ان الحبط بمعنى بطلان العمل كما هو ظاهر قوله تعالى : ( وحبط ما
صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )
هود ـ ١٦ ، ويقرب منه قوله تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبائا
منثورا )
الفرقان ـ ٢٣.
وبالجملة الحبط هو بطلان العمل وسقوطه
عن التأثير ، وقد قيل : إن اصله من الحبط بالتحريك وهو ان يكثر الحيوان من الاكل
فينتفخ بطنه وربما ادى إلى هلاكه.
والذي ذكره تعالى من اثر الحبط بطلان
الاعمال في الدنيا والآخرة معا ، فللحبط تعلق بالاعمال من حيث اثرها في الحياة
الآخرة ، فإن الايمان يطيب الحياة الدنيا كما يطيب الحياة الآخرة ، قال تعالى : ( من عمل
صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا
يعملون )
النحل ـ ٩٧ ، وخسران سعى الكافر ، وخاصة من ارتد إلى الكفر بعد الايمان ، وحبط
عمله في الدنيا ظاهر لا غبار عليه ، فإن قلبه غير متعلق بأمر ثابت ، وهو الله
سبحانه ، يبتهج به عند النعمة ، ويتسلى به عند المصيبة ، ويرجع إليه عند الحاجة ،
قال تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي
به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) الانعام ـ ١٢٢ ، تبين الآية ان للمؤمن
في الدنيا حياة ونورا في افعاله ، وليس للكافر ، ومثله قوله تعالى ، ( فمن اتبع
هداى فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة
اعمى )
طه ـ ١٢٤ ، حيث يبين ان معيشة الكافر وحياته في الدنيا ضنك ضيقة متعبة ،
وبالمقابلة معيشة المؤمن وحياته سعيده رحبة وسيعة.
وقد جمع الجميع ودل على سبب هذه السعادة
والشقاوة قوله تعالى : ( ذلك بأن الله مولى
الذين آمنوا وان الكافرين لامولى لهم )
محمد ـ ١١.
فظهر مما قربناه ان المراد بالاعمال
مطلق الافعال التي يريد الانسان بها سعادة الحيوة ، لا خصوص الاعمال العبادية ،
والافعال القربية التي كان المرتد عملها واتى بها حال الايمان ، مضافا إلى ان
الحبط وارد في مورد الذين لا عمل عبادي ، ولا فعل قربي
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 168