نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 166
السامع.
وتكرار عسى في الآية لكون المؤمنين
كارهين للحرب ، محبين للسلم ، فأرشدهم الله سبحانه على خطأهم في الامرين جميعا ،
بيان ذلك : أنه لو قيل : عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم أو تحبوا شيئا وهو شر لكم
، كان معناه أنه لا عبرة بكرهكم وحبكم فإنهما ربما يخطئان الواقع ، ومثل هذا
الكلام إنما يلقى إلى من اخطأ خطأ واحدا كمن يكره لقاء زيد فقط ، وأما من اخطأ
خطائين كان يكره المعاشرة والمخالطة ويحب الا عتزال ، فالذي تقتضيه البلاغة ان
يشار إلى خطأه في الامرين جميعا ، فيقال له : لا في كرهك أصبت ، ولا في حبك اهتديت
، عسى ان تكره شيئا وهو خير لك وعسى ان تحب شيئا وهو شر لك لانك جاهل لا تقدر ان
تهتدي بنفسك إلى حقيقة الامر ، ولما كان المؤمنون مع كرههم للقتال محبين للسلم كما
يشعر به ايضا قوله تعالى سابقا : أم
حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم
، نبههم الله بالخطأين بالجملتين المستقلتين وهما : عسى ان تكرهوا ، وعسى ان
تحبوا.
قوله
تعالى :والله يعلم وانتم لا تعلمون ،
تتميم لبيان خطأهم ، فإنه تعالى تدرج في بيان ذلك إرفاقا بأذهانهم ، فأخذ أولا
بإبداء احتمال خطأهم في كراهتهم للقتال بقوله : عسى ان تكرهوا ، فلما اعتدلت
أذهانهم بحصول الشك فيها ، وزوال صفة الجهل المركب عليهم ثانيا بأن هذا الحكم الذي
كرهتموه أنتم إنما شرعه الله الذي لا يجهل شيئا من حقائق الامور ، والذي ترونه
مستند إلى نفوسكم التي لا تعلم شيئا إلا ما علمها الله إياه وكشف عن حقيقته ،
فعليكم ان تسلموا إليه سبحانه الامر.
والآية في إثباته العلم له تعالى على
الاطلاق ونفى العلم عن غيره على الاطلاق تطابق سائر الآيات الدالة على هذا المعنى
كقوله تعالى : ( إن الله لا يخفى عليه شيء ) آل عمران ـ ٥ ، وقوله تعالى : ( ولا
يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )
البقرة ـ ٢٥٥ ، وقد سبق بعض الكلام في القتال في قوله : ( وقاتلوا
في سبيل الله )
البقرة ـ ١٩٠.
قوله
تعالى :يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ،
الآية تشتمل على المنع عن القتال في الشهر الحرام وذمة بأنه صد عن سبيل الله وكفر
، واشتمالها مع ذلك على ان إخراج أهل المسجد الحرام منه أكبر عند الله ، وان
الفتنة أكبر من القتل ، يؤذن
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 166