قوله
تعالى :
كتب عليكم القتال وهو كره لكم ،
الكتابة كما مر مرارا ظاهرة في الفرض إذا كان الكلام مسوقا لبيان التشريع ، وفي
القضاء الحتم إذا كان في التكوين فالآية تدل على فرض القتال على كافة المؤمنين
لكون الخطاب متوجها إليهم إلا من أخرجه الدليل مثل قوله تعالى : ( ليس على
الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ) النور ـ ٦١ ، وغير ذلك من الآيات
والادلة.
ولم يظهر فاعل كتب لكون الجملة مذيلة
بقوله : (وهو كره لكم) وهو لا
يناسب إظهار الفاعل صونا لمقامه عن الهتك ، وحفظا لاسمه عن الاستخفاف أن يقع
الكتابة المنسوبة إليه صريحا موردا لكراهة المؤمنين.
والكره بضم الكاف المشقة التي يدركها
الانسان من نفسه طبعا أو غير ذلك ، والكره بفتح الكاف : المشقة التي تحمل عليه من
خارج كأن يجبره إنسان آخر على فعل ما يكرهه ، قال تعالى : ( لا يحل
لكم أن ترثوا النساء كرها )
النساء ـ ١٩ ، وقال تعالى : ( فقال لها وللارض
ائتيا طوعا أو كرها )
فصلت ـ ١١ ، وكون القتال المكتوب كرها للمؤمنين إما لان القتال لكونه متضمنا لفناء
النفوس وتعب الابدان والمضار المالية وارتفاع الامن والرخص والرفاهية ، وغير ذلك
مما يستكرهه الانسان في حياته الاجتماعية لا محالة كان كرها وشاقا للمؤمنين بالطبع
، فإن الله سبحانه وإن مدح المؤمنين في كتابه بما مدح ، وذكر ان فيهم رجالا صادقين
في إيمانهم مفلحين في سعيهم ، لكنه مع ذلك عاتب طائفة منهم بما في قلوبهم من الزيغ
والزلل ، وهو ظاهر بالرجوع إلى الآيات النازلة في غزوة بدر وأحد والخندق وغيرها ،
ومعلوم ان من الجائز
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 164