نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 130
صراط
مستقيم بمنزلة التعليل لقوله بإذنه ، والمعنى
إنما هداهم الله بإذنه لان له أن يهديهم وليس مضطرا موجبا على الهداية في مورد أحد
، بل يهدي من يشاء ، وقد شاء أن يهدي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم.
وقد تبين من الآية
اولا : حد الدين
ومعرفه ، وهو أنه نحو سلوك في الحياة الدنيا يتضمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال
الاخروي ، والحياة الدائمة الحقيقية عند الله سبحانه ، فلا بد في الشريعة من
قوانين تتعرض لحال المعاش على قدر الاحتياج.
وثانيا
: أن الدين أول ما ظهر ظهر رافعا
للاختلاف الناشي عن الفطرة ثم استكمل رافعا للاختلاف الفطري وغير الفطري معا.
وثالثا
: أن الدين لا يزال يستكمل حتى يستوعب
قوانينه جهات الاحتياج في الحياة ، فإذا استوعبها ختم ختما فلا دين بعده ، وبالعكس
إذا كان دين من الاديان خاتما كان مستوعبا لرفع جميع جهات الاحتياج ، قال تعالى : ( ما كان
محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) الاحزاب ـ ٤٠ ، وقال تعالى : ( ونزلنا
عليك الكتاب تبيانا لكل شئ )
النحل ـ ٨٩ ، وقال تعالى : ( وإنه لكتاب عزيز لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )
حم السجدة ـ ٤٢.
ورابعا
: أن كل شريعة لاحقة أكمل من سابقتها.
وخامسا
: السبب في بعث الانبياء وإنزال الكتب ،
وبعبارة أخرى العلة في الدعوة الدينية ، وهو أن الانسان بحسب طبعه وفطرته سائر نحو
الاختلاف كما أنه سالك نحو الاجتماع المدني ، وإذا كانت الفطرة هي الهادية إلى
الاختلاف لم تتمكن من رفع الاختلاف ، وكيف يدفع شيء ما يجذبه به إليه نفسه ، فرفع
الله سبحانه هذا الاختلاف بالنبوة والتشريع بهداية النوع إلى كماله اللائق بحالهم
المصلح لشأنهم ، وهذا الكمال كمال حقيقي داخل في الصنع والايجاد فما هو مقدمته
كذلك ، وقد قال تعالى : ( الذي أعطى كل شيء
خلقه ثم هدى )
طه ـ ٥٠ ، فبين أن من شأنه وأمره تعالى أن يهدي كل شيء إلى ما يتم به خلقه ، ومن
تمام خلقة الانسان أن يهتدي إلى كمال وجوده في الدنيا والآخرة ، وقد قال تعالى
أيضا : ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان
عطاء ربك محظورا )
الاسراء ـ ٢٠ ، وهذه الآية تفيد أن شأنه تعالى هو الامداد بالعطاء : يمد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 130