نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 123
والتشارك والتناصر ،
بل السلطنة هناك في جميع احكام الحياة لوجود نفسه لا يؤثر فيه وجود غيره بالتعاون
والتناصر اصلا ، ولو كان هناك هذا النظام الطبيعي المشهود في المادة لم يكن بد عن
حكومة التعاون والتشارك ، لكن الانسان خلفه وراء ظهره ، وأقبل إلى ربه ، وبطل عنه
جميع علومه العملية ، فلا يرى لزوم الاستخدام والتصرف والمدنية والاجتماع التعاوني
ولا سائر أحكامه التي يحكم بها في الدنيا ، وليس له إلا صحابة عمله ، ونتيجة
حسناته وسيئاته ، ولا يظهر له إلا حقيقة الامر ويبدو له النبأ العظيم الذي هم فيه
مختلفون ، قال تعالى : ( ونرثه ما يقول
ويأتينا فردا )
مريم ـ ٨٠ ، وقال تعالى : ( ولقد جئتمونا فرادى
كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعائكم الذين
زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) الانعام ـ ٩٤ ، وقال تعالى : ( هنالك
تبلوا كل نفس ما اسلفت وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون ) يونس ـ ٣٠ ، وقال تعالى : ( مالكم لا
تناصرون بل هم اليوم مستسلمون )
الصافات ـ ٢٦ ، وقال تعالى : ( يوم تبدل الارض غير
الارض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار )
ابراهيم ـ ٤٨ ، وقال تعالى : ( وان ليس للانسان إلا
ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الاوفى ) النجم ـ ٤١ ، إلى غير ذلك من الآيات ،
فهذه الآيات كما ترى تدل على ان الانسان يبدل بعد الموت نحو حياته فلا يحيى حياة
اجتماعية مبنية على التعاون والتناصر ، ولا يستعمل ما أبدعه في هذه الحياة من
العلوم العملية ، ولايجنى إلا ثمرة عمله ونتيجة سعيه ، ظهر له ظهورا فيجزى به
جزاء.
قوله
تعالى : كان
الناس إمة واحدة ، الناس معروف وهو
الافراد المجتمعون من الانسان ، والامة هي الجماعة من الناس ، وربما يطلق على
الواحد كما في قوله تعالى : (إن إبراهيم كان أمة
قانتا لله )
النحل ـ ١٢٠ ، وربما يطلق على زمان معتد به كقوله تعالى : وادكر بعد أمة ) يوسف ـ ٤٥ ، أي بعد سنين و قوله تعالى
: ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) هود ـ ٨ ، وربما يطلق على الملة والدين
كما قال بعضهم في قوله تعالى :
إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون )
المؤمنون ـ ٥٢ ، وفي قوله تعالى : ( أن هذه أمتكم أمة
واحدة وأنا ربكم فاعبدون )
الانبياء ـ ٩٢ ، وأصل الكلمة من أم يأم إذا قصد فأطلق لذلك على الجماعة لكن لا على
كل جماعة ، بل على
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 123