نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 121
كانوا يصرون على
قولهم ذلك ، لا لدفع القول بالمعاد فحسب ، بل لان القول بالمعاد والدعوة إليه كان
يستتبع تطبيق الحياة الدنيوية على الحيا بنحو العبودية ، وطاعة قوانين دينية
مشتملة على مواد وأحكام تشريعية : من العبادات والمعاملات والسياسات.
وبالجملة القول بالمعاد كان يستلزم
التدين بالدين ، واتباع أحكامه في الحياة ، ومراقبة البعث والمعاد في جميع الاحوال
والاعمال ، فردوا ذلك ببناء الحياة الاجتماعية على مجرد الحياة الدنيا من غير نظر
إلى ما ورائها.
وكذا قوله تعالى : ( إن الظن
لا يغني من الحق شيئا فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك
مبلغهم من العلم النجم ) ـ
٣٠ ، فبين
تعالى أنهم يبنون الحياة على الظن والجهل ، والله سبحانه يدعو إلى دار السلام ،
ويبني دينه على الحق والعلم ، والرسول يدعو الناس إلى مايحييهم ، قال تعالى : ( يا أيها
الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) الانفال ـ
٢٤ ، وهذه
الحياة هي التي يشير إليها قوله تعالى : ( أو من كان ميتا
فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) الانعام
ـ ١٢٢ ، وقال تعالى : ( أفمن يعلم أنما أنزل
اليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الالباب ) الرعد ـ ١٩ ، وقال تعالى : ( قل هذه
سبيلى ادعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين ) يوسف ـ ١٠٨ ، وقال تعالى : ( هل يستوي
الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الالباب ) الزمر ـ ٩ ، وقال تعالى : ( يعلمهم
الكتاب والحكمة ويزكيهم )
البقرة ـ ١٢٩ ، إلى غير ذلك ، والقرآن مشحون بمدح العلم والدعوة إليه والحث به ،
وناهيك فيه انه يسمي العهد السابق على ظهور الاسلام عهد الجاهلية كما قيل.
فما أبعد من الانصاف قول من يقول : ان
الدين مبني على التقليد والجهل مضاد للعلم ومباهت له ، وهؤلاء القائلون أناس
اشتغلوا بالعلوم الطبيعية والاجتماعية فلم يجدوا فيها ما يثبت شيئا مما وراء
الطبيعة ، فظنوا عدم الاثبات إثباتا للعدم ، وقد أخطأوا في ظنهم ، وخبطوا في حكمهم
، ثم نظروا إلى ما في أيدي امثالهم من الناس المتهوسين من أمور يسمونه باسم الدين
، ولا حقيقة لها غير الشرك ، والله برئ من المشركين ورسوله ، ثم نظروا إلى الدعوة
الدينية بالتعبد والطاعة فحسبوها تقليدا وقد أخطأوا
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 121