الآية تبين السبب في تشريع أصل الدين
وتكليف النوع الانساني به ، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان : ان الانسان ـ وهو نوع
مفطور على الاجتماع والتعاون ـ كان في أول اجتماعه امة واحدة ثم ظهر فيه بحسب
الفطرة الاختلاف في اقتناء المزايا الحيوية ، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع
الاختلافات الطارئة ، والمشاجرات في لوازم الحياة فألبست القوانين الموضوعة لباس
الدين ، وشفعت بالتبشير والانذار : بالثواب والعقاب ، وأصلحت بالعبادات المندوبة
إليها ببعث النبيين ، وإرسال المرسلين ، ثم اختلفوا في معارف الدين أو أمور المبدء
والمعاد ، فاختل بذلك أمر الوحدة الدينية ، وظهرت الشعوب والاحزاب ، وتبع ذلك
الاختلاف في غيره ، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إلابغيا من الذين أوتوا الكتاب ،
وظلما وعتوا منهم بعد ما تبين لهم أصوله ومعارفه ، وتمت عليهم الحجة ، فالاختلاف
اختلافان : اختلاف في أمر الدين مستند إلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم ،
واختلاف في أمر الدنيا وهو فطري وسبب لتشريع الدين ، ثم هدى الله سبحانه المؤمنين
إلى الحق المختلف فيه بإذنه ، والله يهدي
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 111