نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 19 صفحه : 368
ومطلق ما يسطرون به وهو المكتوب فإن القلم وما يسطر به من الكتابة من أعظم
النعم الإلهية التي اهتدى إليها الإنسان يتلو الكلام في ضبط الحوادث الغائبة عن
الأنظار والمعاني المستكنة في الضمائر ، وبه يتيسر للإنسان أن يستحضر كل ما ضرب
مرور الزمان أو بعد المكان دونه حجابا.
وقد امتن الله
سبحانه على الإنسان بهدايته إليهما وتعليمهما له فقال في الكلام « خَلَقَ الْإِنْسانَ
عَلَّمَهُ الْبَيانَ »الرحمن : ٤ وقال في القلم : « عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما
لَمْ يَعْلَمْ » العلق : ٥.
فإقسامه تعالى
بالقلم وما يسطرون إقسام بالنعمة ، وقد أقسم تعالى في كلامه بكثير من خلقه بما أنه
رحمة ونعمة كالسماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار إلى غير ذلك حتى التين
والزيتون.
وقيل : « ما » في قوله : « وَما يَسْطُرُونَ » مصدرية والمراد به الكتابة.
وقيل : المراد
بالقلم القلم الأعلى الذي في الحديث أنه أول ما خلق الله وبما يسطرون ما يسطره
الحفظة والكرام الكاتبون واحتمل أيضا أن يكون الجمع في « يَسْطُرُونَ » للتعظيم لا للتكثير وهو كما ترى ، واحتمل أن يكون
المراد ما يسطرون فيه وهو اللوح المحفوظ واحتمل أن يكون المراد بالقلم وما يسطرون
أصحاب القلم ومسطوراتهم وهي احتمالات واهية.
قوله
تعالى : « ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ » مقسم عليه والخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ، والباء في « بِنِعْمَةِ » للسببية أو المصاحبة أي ما أنت بمجنون بسبب النعمة ـ
أو مع النعمة ـ التي أنعمها عليك ربك.
والسياق يؤيد
أن المراد بهذه النعمة النبوة فإن دليل النبوة يدفع عن النبي كل اختلال عقلي حتى
تستقيم الهداية الإلهية اللازمة في نظام الحياة الإنسانية ، والآية ترد ما رموه به
من الجنون كما يحكي عنهم في آخر السورة « وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ».
وقيل : المراد
بالنعمة فصاحته صلىاللهعليهوآله وعقله الكامل وسيرته المرضية وبراءته من كل عيب واتصافه
بكل مكرمة فظهور هذه الصفات فيه صلىاللهعليهوآله ينافي حصول الجنون فيه وما قدمناه أقطع حجة والآية وما
يتلوها كما ترى تعزية للنبي صلىاللهعليهوآله وتطييب لنفسه الشريفة وتأييد له كما أن فيها تكذيبا
لقولهم.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 19 صفحه : 368