responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 295

وإذ كانت الآيات ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ مسوقة لإثبات المعاد كانت الآية كالمقدمة الأولى لإثباته ، وتفيد أن الله منزه عن كل نقص وشين في ذاته وصفاته وأفعاله يملك الحكم على كل شيء والتصرف فيه كيفما شاء وأراد ـ ولا يتصرف إلا جميلا ـ وقدرته تسع كل شيء فله أن يتصرف في خلقه بالإعادة كما تصرف فيهم بالإيذاء ـ الإحداث والإبقاء ـ فله أن يبعثهم إن تعلقت به إرادته ولا تتعلق إلا بحكمه.

قوله تعالى : « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » الفاء في « فَمِنْكُمْ » تدل على مجرد ترتب الكفر والإيمان على الخلق فلا دلالة في التفريع على كون الكفر والإيمان مخلوقين لله تعالى أو غير مخلوقين ، وإنما المراد انشعابهم فرقتين : بعضهم كافر وبعضهم مؤمن ، وقدم ذكر الكافر لكثرة الكفار وغلبتهم.

و « من » في قوله : « فَمِنْكُمْ » و « فَمِنْكُمْ » للتبعيض أي فبعضكم كافر وبعضكم مؤمن.

وقد نبه بقوله : « وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » على أن انقسامهم قسمين وتفرقهم فرقتين حق كما ذكر ، وهم متميزون عنده لأن الملاك في ذلك أعمالهم ظاهرها وباطنها والله بما يعملون بصير لا تخفى عليه ولا تشتبه.

وتتضمن الآية مقدمة أخرى لإثبات المعاد وتنجزه وهي أن الناس مخلوقون له تعالى متميزون عنده بالكفر والإيمان وصالح العمل وطالحه.

قوله تعالى : « خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ » المراد بالحق خلاف الباطل وهو خلقها من غير غاية ثابتة وغرض ثابت كما قال : « لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا »الأنبياء : ١٧ ، وقال : « وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ »الدخان : ٣٩.

وقوله : « وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ » المراد بالتصوير إعطاء الصورة وصورة الشيء قوامه ونحو وجوده كما قال : « لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ »التين : ٤ ، وحسن الصورة تناسب تجهيزاتها بعضها لبعض والمجموع لغاية وجودها ، وليس هو الحسن بمعنى صباحة المنظر وملاحته بل الحسن العام الساري في الأشياء كما قال تعالى : « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ »الم السجدة : ٧.

ولعل اختصاص حسن صورهم بالذكر للتنبيه على أنها ملائمة للغاية التي هي الرجوع إلى الله فتكون الجملة من جملة المقدمات المسوقة لإثبات المعاد على ما تقدمت الإشارة إليه.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست