responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 133

يدوم ذلك عليكم فيسبقنا الأسباب وتغلبنا فتبطل بالموت الحياة التي كنا نريد دوامها.

قوله تعالى : « عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ » « عَلى » متعلقه بقوله : « قَدَّرْنا » وجملة الجار والمجرور في موضع الحال أي نحن قدرنا بينكم الموت حال كونه على أساس تبديل الأمثال والإنشاء فيما لا تعلمون.

والأمثال جمع مثل بالكسر فالسكون ومثل الشيء ما يتحد معه في نوعه كالفرد من الإنسان بالنسبة إلى فرد آخر ، والمراد بقوله : « أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ » أن نبدل أمثالكم من البشر منكم أو نبدل أمثالكم مكانكم ، والمعنى على أي حال تبديل جماعة من أخرى وجعل الأخلاف مكان الأسلاف.

وقوله : « وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ » ما موصولة والمراد به الخلق والجملة معطوفة على « نُبَدِّلَ » والتقدير وعلى أن ننشئكم ونوجدكم في خلق آخر لا تعلمونه وهو الوجود الأخروي غير الوجود الدنيوي الفاني.

ومحصل معنى الآيتين أن الموت بينكم إنما هو بتقدير منا لا لنقص في قدرتنا بأن لا يتيسر لنا إدامة حياتكم ولا لغلبة الأسباب المهلكة المبيدة وقهرها وتعجيزها لنا في حفظ حياتكم وإنما قدرناه بينكم على أساس تبديل الأمثال وإذهاب قوم والإتيان بآخرين وإنشاء خلق لكم يناسب الحياة الآخرة وراء الخلق الدنيوي الداثر فالموت انتقال من دار إلى دار وتبدل خلق إلى خلق آخر وليس بانعدام وفناء.

واحتمل بعضهم أن يكون الأمثال في الآية جمع مثل بفتحتين وهو الوصف فتكون الجملتان « عَلى أَنْ نُبَدِّلَ » إلخ ، و « نُنْشِئَكُمْ » إلخ ، تفيدان معنى واحدا ، والمعنى : على أن نغير أوصافكم وننشئكم في وصف لا تعرفونه أو لا تعلمونه كحشركم في صفة الكلب أو الخنزير أو غيرهما من الحيوان بعد ما كنتم في الدنيا على صفة الإنسان ، والمعنى السابق أجمع وأكثر فائدة.

قوله تعالى : « وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ » المراد بالنشأة الأولى نشأة الدنيا ، والعلم بها بخصوصياتها يستلزم الإذعان بنشأة أخرى خالدة فيها الجزاء ، فإن من المعلوم من النظام الكوني أن لا لغو ولا باطل في الوجود فلهذه النشأة الفانية غاية باقية ، وأيضا من ضروريات هذا النظام هداية كل شيء إلى سعادة نوعه وهداية الإنسان تحتاج إلى بعث الرسل وتشريع الشرائع وتوجيه الأمر والنهي ، والجزاء على خير الأعمال وشرها

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست