responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 18  صفحه : 86

قوله تعالى : « فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ » قال الراغب : البطش تناول الشيء بصولة. انتهى وفي الآية التفات في قوله : « مِنْهُمْ » من الخطاب إلى الغيبة ، وكان الوجه فيه العدول عن خطابهم إلى خطاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعدم اعتبارهم بهذه القصص والعبر وليكون تمهيدا لقوله بعد : « وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ » ويؤيده قوله بعد : « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ » خطابا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. ومعنى قوله : « وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ » ومضى في السور النازلة قبل هذه السورة من القرآن وصف الأمم الأولين وأنه كيف حاق بهم ما كانوا به يستهزءون.

قوله تعالى : « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ » في الآية وما يتلوها إلى تمام ست آيات احتجاج على ربوبيته تعالى وتوحده فيها مع إشارة ما إلى المعاد وتبكيت لهم على إسرافهم مأخوذ من اعترافهم بأنه تعالى هو خالق الكل ثم الأخذ بجهات من الخلق هي بعينها تدبير لأمور العباد كجعل الأرض لهم مهدا وجعله فيها سبلا وإنزال الأمطار فينتج أنه تعالى وحده مالك مدبر لأمورهم فهو الرب لا رب غيره.

وبذلك تبين أن الآية تقدمة وتوطئة لما تتضمنه الآيات التالية من الحجة وقد تقدم في هذا الكتاب مرارا أن الوثنية لا تنكر رجوع الصنع والإيجاد إليه تعالى وحده وإنما تدعي رجوع أمر التدبير إلى غيره.

قوله تعالى : « الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ » أي جعل لكم الأرض بحيث تربون فيها كما يربى الأطفال في المهد ، وجعل لكم في الأرض سبلا وطرقا تسلكونها وتهتدون بها إلى مقاصدكم.

وقيل : معنى « لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ » رجاء أن تهتدوا إلى معرفة الله وتوحيده في العبادة والأول أظهر.

وفي الكلام التفات إلى خطاب القوم بعد صرف الخطاب عنهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعل الوجه فيه إظهار العناية بهذا المعنى في الخلقة وهو أن التدبير بعينه من الخلق فاعترافهم بكون الخلق مختصا بالله سبحانه وقولهم برجوع التدبير إلى غيره من خلقه من التهافت في القول جهلا فقرعهم بهذا الخطاب من غير واسطة.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 18  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست