فصل رابع من
الآيات يعرف الوحي الإلهي بأن الدين النازل به كتاب مكتوب على الناس وميزان يوزن
به أعمالهم فيجزون بذلك يوم القيامة ، والجزاء الحسن من الرزق ثم يستطرد الكلام في
ما يستقبلهم يوم القيامة من الثواب والعقاب ، وفيها آية المودة في القربى وما يلحق
بذلك.
قوله تعالى : « اللهُ الَّذِي
أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ » إلخ ، كان مفتتح الفصول السابقة في سياق الفعل إخبارا
عن الوحي وغرضه وآثاره «
كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ » « وَكَذلِكَ
أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » « شَرَعَ
لَكُمْ مِنَ الدِّينِ » وقد غير السياق في مفتتح هذا الفصل فجيء بالجملة الاسمية المتضمنة
لتوصيفه تعالى بإنزال الكتاب والميزان « اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ » إلخ ، ولازمه تعريف الوحي بنزول الكتاب والميزان به.
ولعل الوجه فيه
ما تقدم في الآية السابقة من ذكر المحاجة في الله « وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ » فاستدعى ذلك تعريفه تعالى للمحاجين فيه بأنه الذي أنزل
الكتاب بالحق والميزان ، ولازمه تعريف الوحي بأثره كما عرفت.
وكيف كان
فالمراد بالكتاب هو الوحي المشتمل على الشريعة والدين الحاكم في المجتمع البشري ،
وقد تقدم في تفسير قوله تعالى : «
كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً » الآية البقرة : ٢١٣ أن هذا المعنى هو المراد بالكتاب
في الكتاب ، وكون إنزاله بالحق نزوله مصاحبا للحق لا يخالطه اختلاف شيطاني ولا
نفساني.
والميزان ما يوزن ويقدر به الأشياء ، والمراد به بقرينة ذيل
الآية والآيات التالية هو الدين المشتمل عليه الكتاب حيث يوزن به العقائد والأعمال
فتحاسب عليه ويجزي بحسبه الجزاء يوم القيامة فالميزان هو الدين بأصوله وفروعه ،
ويؤيده قوله تعالى :
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 38