نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 352
وهو الذي يلازم الإنسان ويوحي إليه ما يوحي من الغواية والضلال ، قال تعالى
: « وَمَنْ
يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
مُهْتَدُونَ حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ
الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ
» الزخرف : ٣٨.
فقوله : « قالَ قَرِينُهُ » أي شيطانه الذي يصاحبه ويغويه « رَبَّنا » أضاف الرب إلى نفسه والإنسان الذي هو قرينه لأنهما في
مقام الاختصام « ما
أَطْغَيْتُهُ » أي ما أجبرته على الطغيان « وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ » أي متهيئا مستعدا لقبول ما ألقيته إليه تلقاه باختياره
فما أنا بمسئولين عن ذنبه في طغيانه.
وقد تقدم في
سورة الصافات تفصيل اختصام الظالمين وأزواجهم في قوله : « احْشُرُوا الَّذِينَ
ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ » الصافات : ٢٢ ، إلى آخر الآيات.قوله تعالى : « قالَ لا تَخْتَصِمُوا
لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ » القائل هو الله سبحانه يخاطبهم وكأنه خطاب واحد لعامة
المشركين الطاغين وقرنائهم ينحل إلى خطابات جزئية لكل إنسان وقرينه بمثل قولنا :
لا تختصما لدي ، إلخ.
وقوله : « وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ » حال من فاعل «
لا تَخْتَصِمُوا » و «
بِالْوَعِيدِ » مفعول « قَدَّمْتُ
» والباء
للوصلة.
والمعنى : لا
تختصموا لدي فلا نفع لكم فيه بعد ما أبلغتكم وعيدي لمن أشرك وظلم ، والوعيد الذي
قدمه إليهم مثل قوله تعالى لإبليس : « اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ
جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً
» إسراء : ٦٣ ، وقوله :
«
فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ
مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ » ص : ٨٥. أو قوله : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » السجدة : ١٣.
قوله تعالى : « ما يُبَدَّلُ
الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ » الذي يعطيه السياق أن تكون الآية استئنافا بمنزلة
الجواب عن سؤال مقدر كان قائلا يقول : هب أنك قد قدمت فهلا غيرته وعفوت؟ فأجيب
بقوله : « ما
يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ » والمراد بالقول مطلق القضاء المحتوم الذي قضى به الله ، وقد قضى لمن مات
على الكفر بدخول جهنم وينطبق بحسب المورد على الوعيد الذي أوعده الله لإبليس ومن
تبعه.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 352