نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 258
الذي قلما يوجد ـ أو لا يوجد ـ له نظير إذ فتح له مكة والطائف وانبسط
الإسلام في أرض الجزيرة وانقلع الشرك وذل اليهود وخضع له نصارى الجزيرة والمجوس
القاطنون بها ، وأكمل تعالى للناس دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام دينا.
قوله تعالى : « هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ
إِيمانِهِمْ » إلخ ، الظاهر أن المراد بالسكينة سكون النفس وثباتها واطمئنانها إلى ما
آمنت به ، ولذا علل إنزالها فيها بقوله : « لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ » وقد تقدم البحث عن السكينة في ذيل قوله تعالى : « أَنْ يَأْتِيَكُمُ
التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
» البقرة : ٢٤٨ في الجزء
الثاني من الكتاب وذكرنا هناك أنها تنطبق على روح الإيمان المذكور في قوله تعالى :
« وَأَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُ » المجادلة : ٢٢.
وقيل : السكينة هي الرحمة ، وقيل : العقل ، وقيل : الوقار والعصمة لله
ولرسوله ، وقيل : الميل إلى ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآله ، وقيل : ملك يسكن قلب المؤمن ، وقيل : شيء له رأس كرأس
الهرة ، وهذه الأقاويل لا دليل على شيء منها.
والمراد بإنزال
السكينة في قلوبهم إيجادها فيها بعد عدمها فكثيرا ما يعبر في القرآن عن الخلق
والإيجاد بالإنزال كقوله : «
وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ » الزمر : ٦ ، وقوله : « وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ
» الحديد : ٢٥ ، وقوله :
« وَإِنْ
مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ
مَعْلُومٍ » الحجر : ٢١. وإنما عبر عن الخلق والإيجاد بالإنزال
للإشارة إلى علو مبدئه.
وقيل : المراد
بالإنزال الإسكان والإقرار من قولهم : نزل في مكان كذا أي حط رحله فيه وأنزلته فيه
أي حططت رحله فيه هذا.
وهو معنى غير
معهود في كلامه تعالى مع كثرة وروده فيه ، ولعل الباعث لهم على اختيار هذا المعنى
تعديته في الآية بلفظة « في » إذ قال : « أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ
الْمُؤْمِنِينَ » لكنه عناية كلامية لوحظ فيها تعلق السكينة بالقلوب تعلق الاستقرار فيها
كما لوحظ تعلقها تعلق الوقوع عليها من علو في قوله الآتي : « فَأَنْزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ » الآية وقوله : «
فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ » الآية.
والمراد بزيادة
الإيمان اشتداده فإن الإيمان بشيء هو العلم به مع الالتزام بحيث يترتب عليه آثاره
العملية ، ومن المعلوم أن كلا من العلم والالتزام المذكورين مما يشتد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 258