نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 217
والظاهر أن « مِنْ » في «
يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ » للتبعيض ، والمراد مغفرة بعض الذنوب وهي التي اكتسبوها
قبل الإيمان ، قال تعالى : «
إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ
» الأنفال : ٣٨.
وقيل : المراد
بهذا البعض حقوق الله سبحانه فإنها مغفورة بالتوبة والإيمان توبة وأما حقوق الناس
فإنها غير مغفورة بالتوبة ، ورد بأن الإسلام يجب ما قبله.
قوله تعالى : « وَمَنْ لا يُجِبْ
داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ
أَوْلِياءُ » إلخ ، أي ومن لم يؤمن بداعي الله فليس بمعجز لله في الأرض برد دعوته وليس
له من دون الله أولياء ينصرونه ويمدونه في ذلك ، والمحصل : أن من لم يجب داعي الله
في دعوته فإنما ظلم نفسه وليس له أن يعجز الله بذلك لا مستقلا ولا بنصرة من ينصره
من الأولياء فليس له أولياء من دون الله ، ولذلك أتم الكلام بقوله : « أُولئِكَ فِي ضَلالٍ
مُبِينٍ ».
قوله تعالى : « أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ
بِقادِرٍ » إلخ ، الآية
وما بعدها إلى آخر السورة متصلة بما تقدم من قوله تعالى : « وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ » إلخ ، وفيها تتميم القول فيما به الإنذار في هذه
السورة وهو المعاد والرجوع إلى الله تعالى كما أشرنا إليه في البيان المتقدم.
والمراد
بالرؤية العلم عن بصيرة ، والعي العجز والتعب ، والأول أفصح على ما قيل ، والباء في « بِقادِرٍ » زائدة لوقوعها موقعا فيه شائبة حيز النفي كأنه قيل : أليس
الله بقادر.
والمعنى : أولم
يعلموا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعجز عن خلقهن أو لم يتعب بخلقهن
قادر على إحياء الموتى ـ وهو تعالى مبدئ وجود كل شيء وحياته ـ بلى هو قادر لأنه
على كل شيء قدير ، وقد أوضحنا هذه الحجة فيما تقدم غير مرة.
قوله تعالى : « وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ » إلى آخر الآية ، تأييد للحجة المذكورة في الآية
السابقة بالإخبار عما سيجري على منكري المعاد يوم القيامة ، ومعنى الآية ظاهر.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 217