والعارض هو السحاب يعرض في الأفق ثم يطبق السماء وهو صفة العذاب
الذي يرجع إليه ضمير «
رَأَوْهُ » المعلوم من
السياق ، وقوله : «
مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ » صفة أخرى له ، والأودية جمع الوادي ، وقوله : « قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا » أي استبشروا ظنا منهم أنه سحاب عارض ممطر لهم فقالوا :
هذا الذي نشاهده سحاب عارض ممطر إيانا.
وقوله : « بَلْ هُوَ مَا
اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ » رد لقولهم : « هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا » بالإضراب عنه إلى بيان الحقيقة فبين أولا على طريق
التهكم أنه العذاب الذي استعجلتم به حين قلتم : « فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ
الصَّادِقِينَ » وزاد في البيان ثانيا بقوله : « رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ».
والكلام من
كلامه تعالى وقيل : هو كلام لهود النبي عليهالسلام.
قوله تعالى : « تُدَمِّرُ كُلَّ
شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ
نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ » التدمير الإهلاك ، وتعلقه بكل شيء وإن كان يفيد عموم التدمير
لكن السياق يخصصه بنحو الإنسان والدواب والأموال ، فالمعنى : أن تلك الريح ريح
تهلك كل ما مرت عليه من إنسان ودواب وأموال.
وقوله : « فَأَصْبَحُوا لا يُرى
إِلَّا مَساكِنُهُمْ » بيان لنتيجة نزول العذاب ، وقوله : « كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ » إعطاء ضابط كلي في مجازاة المجرمين بتشبيه الكلي
بالفرد الممثل به والتشبيه في الشدة أي إن سنتنا في جزاء المجرمين على هذا النحو
الذي قصصناه من الشدة فهو كقوله تعالى : « وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى
وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
» هود : ١٠٢.
قوله تعالى : « وَلَقَدْ
مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ » إلخ ، موعظة لكفار مكة مستنتجة من القصة.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 212