لما أشار إلى
جعل النبي صلىاللهعليهوآله على شريعة من الأمر وهو تشريع الشريعة الإسلامية أشار
في هذه الآيات إلى أنها بصائر للناس يبصرون بها ما يجب عليهم أن يسلكوه من سبيل
الحياة الطيبة في الدنيا وتتلوها سعادة الحياة الآخرة ، وهدى ورحمة لقوم يوقنون
بآيات الله.
وأشار إلى أن
الذي يدعو مجترحي السيئات أن يستنكفوا عن التشرع بالشريعة إنكارهم المعاد فيحسبون
أنهم والمتشرعون بالدين سواء في الحياة والممات وأن لا أثر للتشرع بالشريعة فلا
ثمرة للعمل الصالح الذي تهدي إليه الشريعة إلا إتعاب النفس بالتقيد من غير موجب.
فبرهن تعالى على بطلان حسبانهم بإثبات المعاد ثم أردفه بوصف المعاد وما يثيب به
الصالحين يومئذ وما يعاقب به الطالحين أهل الجحود والاجرام ، وعند ذلك تختتم
السورة بالتحميد والتسبيح.
قوله تعالى : « هذا بَصائِرُ
لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ » الإشارة بهذا إلى الأمر المذكور الذي هو الشريعة أو
إلى القرآن بما يشتمل على الشريعة ، والبصائر جمع بصيرة وهي الإدراك المصيب للواقع ، والمراد بها ما
يبصر به ، وإنما كانت الشريعة بصائر لأنها تتضمن أحكاما وقوانين كل منها يهدي إلى
واجب العمل في سبيل السعادة.
والمعنى : هذه
الشريعة المشرعة أو القرآن المشتمل عليها وظائف عملية يتبصر بكل منها الناس
ويهتدون إلى السبيل الحق وهو سبيل الله وسبيل السعادة ، فقوله بعد ذكر تشريع
الشريعة : « هذا
بَصائِرُ لِلنَّاسِ » كقوله بعد ذكر آيات الوحدانية في أول السورة : « هذا هُدىً
وَالَّذِينَ كَفَرُوا » إلخ.
وقوله : « وَهُدىً وَرَحْمَةٌ
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ » أي دلالة واضحة وإفاضة خير لهم ، والمراد بقوم يوقنون : الذين يوقنون
بآيات الله الدالة على أصول المعارف فإن المعهود في
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 169