نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 137
واختلف في
المراد بهذا العذاب المذكور في الآية.
فقيل : المراد
به المجاعة التي ابتلي بها أهل مكة فإنهم لما أصروا على كفرهم وأذاهم للنبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين به دعا عليهم النبي صلىاللهعليهوآله فقال : اللهم سنين كسني يوسف فأجدبت الأرض وأصابت قريشا
مجاعة شديدة ، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان وأكلوا
الميتة والعظام ثم جاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقالوا : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وقومك قد هلكوا ،
ووعدوه إن كشف الله عنهم الجدب أن يؤمنوا ، فدعا وسأل الله لهم بالخصب والسعة فكشف
عنهم ثم عادوا إلى كفرهم ونقضوا عهدهم.
وقيل : إن
الدخان المذكور في الآية من أشراط الساعة وهو لم يأت بعد وهو يأتي قبل قيام الساعة
فيدخل أسماع الناس حتى أن رءوسهم تكون كالرأس الحنيذ.
ويصيب المؤمن
منه مثل الزكمة وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص [١] ويمكث ذلك
أربعين يوما.
وربما قيل : إن
المراد بيوم الدخان يوم فتح مكة حين دخل جيش المسلمين مكة فارتفع الغبار كالدخان
المظلم ، وربما قيل : المراد به يوم القيامة ، والقولان كما ترى.
وقوله : « يَغْشَى النَّاسَ » أي يشملهم ويحيط بهم ، والمراد بالناس أهل مكة على
القول الأول ، وعامة الناس على القول الثاني.
قوله تعالى : « هذا عَذابٌ أَلِيمٌ
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ » حكاية قول الناس عند نزول عذاب الدخان أي يقول الناس
يوم تأتي السماء بدخان مبين : هذا عذاب أليم ويسألون الله كشفه بالاعتراف بربوبيته
وإظهار الإيمان بالدعوة الحقة فيقولون : ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا
الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ).
قوله تعالى : « أَنَّى لَهُمُ
الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ » أي من أين لهم أن يتذكروا ويذعنوا بالحق والحال أنه قد
جاءهم رسول مبين ظاهر في رسالته لا يقبل الارتياب وهو محمد صلىاللهعليهوآله ، وفي الآية رد صدقهم في وعدهم.