لما ذكر
طغيانهم بعد تمتيعهم بنعمه ورميهم الحق الذي جاءهم به رسول مبين بأنه سحر وأنهم
قالوا : « لَوْ لا
نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ » فرجحوا الرجل على النبي صلىاللهعليهوآله بكثرة ماله مثل لهم بقصة موسى عليهالسلام وفرعون وقومه حيث أرسله الله إليهم بآياته الباهرة
فضحكوا منها واستهزءوا بها ، واحتج فرعون فيما خاطب به قومه على أنه خير من موسى
بملك مصر وأنهار تجري من تحته فاستخفهم فأطاعوه فآل أمر استكبارهم أن انتقم الله
منهم فأغرقهم.
قوله تعالى : « فَلَمَّا جاءَهُمْ
بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ » المراد بمجيئهم بالآيات إظهار المعجزات للدلالة على
الرسالة ، والمراد بالضحك ضحك الاستهزاء استخفافا بالآيات.
قوله تعالى : « وَما نُرِيهِمْ مِنْ
آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها » إلخ ، الأخت المثل ، وقوله : « هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها » كناية عن كون كل واحدة منها بالغة في الدلالة على حقية
الرسالة ، وجملة « وَما
نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ » إلخ ، حال من ضمير «
مِنْها » ، والمعنى : فلما
أتاهم بالمعجزات إذا هم منها يضحكون والحال أن كلا منها تامة كاملة في إعجازها
ودلالتها من غير نقص ولا قصور.
وقوله : « وَأَخَذْناهُمْ
بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » أي رجاء أن يرجعوا عن استكبارهم إلى قبول رسالته ،
والمراد بالعذاب الذي أخذوا به آيات الرجز التي نزلت عليهم من السنين ونقص من
الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات كما في سورة الأعراف.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 18 صفحه : 109