responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 18  صفحه : 102

المعرضين عن الحق المتعامين عن ذكر الرحمن مشيرا إلى أمرهم من أوله وهو أن تعاميهم عن ذكر الله يورثهم ملازمة قرناء الشياطين فيلازمونهم مضلين لهم حتى يردوا عذاب الآخرة معهم.

فقوله : « وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً » أي من تعامى عن ذكر الرحمن ونظر إليه نظر الأعشى جئنا إليه بشيطان ، وقد عبر تعالى عنه في موضع آخر بالإرسال فقال : « أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا » مريم : ٨٣ ، وإضافة الذكر إلى الرحمن للإشارة إلى أنه رحمة.

وقوله : « فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ » أي مصاحب لا يفارقه.

قوله تعالى : « وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ » ضمير « أنهم » للشياطين ، وضمائر الجمع الباقية للعاشين عن الذكر ، واعتبار الجمع نظرا إلى المعنى في « وَمَنْ يَعْشُ » إلخ ، والصد الصرف ، والمراد بالسبيل ما يدعو إليه الذكر من سبيل الله الذي هو دين التوحيد.

والمعنى : وإن الشياطين ليصرفون العاشين عن الذكر ويحسب العاشون أنهم ـ أي العاشين أنفسهم ـ مهتدون إلى الحق.

وهذا أعني حسبانهم أنهم مهتدون عند انصدادهم عن سبيل الحق أمارة تقييض القرين ودخولهم تحت ولاية الشيطان فإن الإنسان بطبعه الأولي مفطور على الميل إلى الحق ومعرفته إذا عرض عليه ثم إذا عرض عليه فأعرض عنه اتباعا للهوى ودام عليه طبع الله على قلبه وأعمى بصره وقيض له القرين فلم ير الحق الذي تراءى له وطبق الحق الذي يميل إليه بالفطرة على الباطل الذي يدعوه إليه الشيطان فيحسب أنه مهتد وهو ضال ويخيل إليه أنه على الحق وهو على الباطل.

وهذا هو الغطاء الذي يذكر تعالى أنه مضروب عليهم في الدنيا وأنه سينكشف عنهم يوم القيامة ، قال تعالى : « الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ـ إلى أن قال ـ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً » الكهف : ١٠٤ ، وقال فيما يخاطبه يوم القيامة ومعه قرينه : « لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ـ إلى أن قال ـ قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ » ق : ٢٧.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 18  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست