responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 17  صفحه : 77

واختار لذلك سياق التكلم وحده إلا في جملة اعترض بها في خلال الكلام وهي قوله : « وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » وذلك بإجراء الحكم في نفسه بما أنه إنسان أوجده الله وفطره حتى يجري في كل إنسان هو مثله والأفراد أمثال فقوله : « وَما لِيَ لا أَعْبُدُ » إلخ. في معنى وما للإنسان لا يعبد إلخ. أيتخذ الإنسان من دونه آلهة إلخ.

وقد عبر عنه تعالى بقوله : « الَّذِي فَطَرَنِي » للإشعار بالعلية فإن فطره تعالى للإنسان وإيجاده له بعد العدم لازمه رجوع كل ما للإنسان من ذات وصفات وأفعال إليه تعالى وقيامه به وملكه له فليس للإنسان إلا العبودية محضة فعلى الإنسان أن ينصب نفسه في مقام العبودية ويظهرها بالنسبة إليه تعالى وهذا هو العبادة فعليه أن يعبده تعالى لأنه أهل لها.

وهذا هو الذي أشرنا إليه آنفا أن الرجل كان يعبد الله بالإخلاص له لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار بل لأنه أهل للعبادة.

وإذ كان الإيمان به تعالى وعبادته هكذا أمرا لا يناله عامة الناس فإن الأكثرين منهم إنما يعبدون خوفا أو طمعا أو لكليهما التفت الرجل بعد بيان حال نفسه إلى القوم فقال : « وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » يريد به إنذارهم بيوم الرجوع وأنه تعالى سيحاسبهم على ما عملوا فيجازيهم بمساوئ أعمالهم فقوله : « وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » كالمعترضة الخارجة عن السياق أو هي هي.

ثم إن الآيتين حجتان قائمتان على إبطال ما احتج به الوثنية وبنوا على ذلك عبادة الأصنام وأربابها.

توضيح ذلك أنهم قالوا : إن الله سبحانه أجل من أن يحيط به حس أو خيال أو عقل لا يناله شيء من القوى الإدراكية فلا يمكن التوجه إليه بالعبادة فسبيل العبادة أن نتوجه إلى مقربي حضرته والأقوياء من خلقه كالملائكة الكرام والجن والقديسين من البشر حتى يكونوا شفعاء لنا عند الله في إيصال الخيرات ودفع الشرور والمكاره.

والجواب عن أولى الحجتين بما حاصله أن الإنسان وإن كان لا يحيط علما بالذات المتعالية لكنه يعرفه تعالى بصفاته الخاصة به مثل كونه فاطرا له موجدا إياه فله أن يتوجه إليه من طريق هذه الصفات وإنكار إمكانه مكابرة ، وهذا الجواب هو الذي

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 17  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست