نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 402
وقوله : « وَظَنُّوا ما لَهُمْ
مِنْ مَحِيصٍ » الظن ـ على ما قيل ـ بمعنى اليقين ، والمحيص المهرب والمفر ، والمعنى : ويوم ينادي الله المشركين :
أين شركائي؟ ـ على زعمكم ـ قالوا : أعلمناك ما منا من يشهد عليك بالشركاء ـ أو ما
منا من يشاهد الشركاء وغاب عنهم ما كانوا يدعون من دون الله في الدنيا ، وأيقنوا
أن ليس لهم مهرب من العذاب.
قوله تعالى : « لا يَسْأَمُ
الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ » السأمة الملال ، واليأس والقنوط بمعنى وهو انقطاع الرجاء ، والدعاء الطلب.
شروع في ختم
الكلام في السورة ببيان ما هو السبب في جحودهم ودفعهم الحق الصريح ، وهو أن
الإنسان مغتر بنفسه فإذا مسه شر يعجز عن دفعه يئس من الخير وتعلق بذيل الدعاء
والمسألة وتوجه إلى ربه ، وإذا مسه خير اشتغل به وأعجب بنفسه وأنساه ذلك كل حق وحقيقة.
والمعنى : لا
يمل الإنسان من طلب الخير وهو ما يراه نافعا لحياته ومعيشته وإن مسه الشر فكثير
اليأس والقنوط لما يرى من سقوط الأسباب التي كان يستند إليها ، وهذا لا ينافي تعلق
رجائه إذ ذاك بالله سبحانه كما سيأتي.
قوله تعالى : « وَلَئِنْ أَذَقْناهُ
رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي » إلخ الأصل بالنظر إلى مضمون الآية السابقة أن يقال :
وإن ذاق خيرا قال : هذا لي لكن بدل ذاق من « أَذَقْناهُ » وخيرا » من قوله : « رَحْمَةً مِنَّا » ليدل على أن الخير الذي ذاقه هو رحمة من الله أذاقه
إياها وليس بمصيبة برأسه ولا هو يملكه ولو كان يملكه لم ينفك عنه ولم يمسسه الضراء
، ولذا قيد قوله : «
وَلَئِنْ أَذَقْناهُ » إلخ بقوله : «
مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ».
وقوله : « لَيَقُولَنَّ هذا لِي
» أي أنا أملكه
فلي أن أفعل فيه ما أشاء وأتصرف فيه كيف أريد ، فليس لأحد أن يمنعني من شيء منه أو
يحاسبني على فعل ، ولهذا المعنى عقبه بقوله : « وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً » فإن الساعة هي يوم الحساب.
وقوله : « وَلَئِنْ رُجِعْتُ
إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى » أي للمثوبة الحسنى أو للعاقبة الحسنى ، وهذا مبني على
ما يراه لنفسه من الكرامة واستحقاق الخير كأنه يقول : ما ملكته من الخير لو كان من
الله فإنما هو لكرامة نفسي عليه وعلى هذا فإن قامت الساعة ورجعت إلى ربي كانت لي
عنده العاقبة الحسنى.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 402