نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 391
فالآية تبشرهم
بأن لهم في الآخرة ما يمكن أن تتعلق به شهواتهم من أكل وشرب ونكاح وغير ذلك بل ما
هو أوسع من ذلك وأعلى كعبا وهو أن لهم ما يشاءون فيها كما قال تعالى : « لَهُمْ ما يَشاؤُنَ
فِيها » ق ـ ٣٥.
قوله تعالى : « وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
» الآية اتصال
بقوله السابق : « وَقالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ ، وَالْغَوْا فِيهِ » الآية فإنهم كانوا يخاصمون النبي صلىاللهعليهوآله كما ينازعون القرآن ، وقد ذكر في أول السورة قولهم : « قُلُوبُنا فِي
أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ » الآية فأيد سبحانه في هذه الآية نبيه بأن قوله وهو
دعوته أحسن القول.
فقوله : « وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ » المراد به النبي صلىاللهعليهوآله وإن كان لفظ الآية يعم كل من دعا إلى الله ولما أمكن أن
يدعو الداعي إلى الله لغرض فاسد وليست الدعوة التي هذا شأنها من القول الأحسن قيده
بقوله : « وَعَمِلَ
صالِحاً » فإن العمل
الصالح يكشف عن نية صالحة غير أن العمل الصالح لا يكشف عن الاعتقاد الحق والالتزام
به ، ولا حسن في قول لا يقول به صاحبه ولذا قيده بقوله : « وَقالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ » والمراد بالقول الرأي والاعتقاد على ما يعطيه السياق.
فإذا تم
الإسلام لله والعمل الصالح للإنسان ثم دعا إلى الله كان قوله أحسن القول لأن أحسن
القول أحقه وأنفعه ولا قول أحق من كلمة التوحيد ولا أنفع منها وهي الهادية للإنسان
إلى حاق سعادته.
قوله تعالى : « لا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ » الآية لما ذكر أحسن القول وأنه الدعوة إلى الله
والقائم به حقا هو النبي صلىاللهعليهوآله التفت إليه ببيان أحسن الطريق إلى الدعوة وأقربها من
الغاية المطلوبة منها وهي التأثير في النفوس فخاطبه بقوله : « لا تَسْتَوِي » إلخ.
فقوله : « لا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ » أي الخصلة الحسنة والسيئة من حيث حسن التأثير في
النفوس ، و « لا » في «
لَا السَّيِّئَةُ » زائدة لتأكيد النفي.
وقوله : « ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ » استئناف في معنى دفع الدخل كأن المخاطب لما سمع قوله : « لا تَسْتَوِي » إلخ قال : فما ذا أصنع؟ فقيل : « ادْفَعْ » إلخ والمعنى
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 391