الآيات تتضمن
الإنذار بالعذاب الدنيوي الذي ابتليت به عاد وثمود بكفرهم بالرسل وجحدهم لآيات
الله ، وبالعذاب الأخروي الذي سيبتلى به أعداء الله من أهل الجحود الذين حقت عليهم
كلمة العذاب ، وفيها إشارة إلى كيفية إضلالهم في الدنيا وإلى استنطاق أعضائهم في
الآخرة.
قوله تعالى : « فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ » قال في المجمع : الصاعقة المهلكة من كل شيء انتهى ، وقال الراغب : قال بعض أهل
اللغة : الصاعقة على ثلاثة أوجه : الموت كقوله : « فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ » وقوله : « فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ » والعذاب كقوله : « أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ
وَثَمُودَ » والنار كقوله : «
وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ » وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هي الصوت الشديد من الجو ثم يكون نار فقط أو عذاب أو
موت وهي في ذاتها شيء واحد ، وهذه الأشياء تأثيرات منها. انتهى.
وعلى ما مر
تنطبق الصاعقة على عذابي عاد وثمود وهما الريح والصيحة ، والتعبير بالماضي في قوله
: «
أَنْذَرْتُكُمْ » للدلالة على التحقق والوقوع.
قوله تعالى : « إِذْ جاءَتْهُمُ
الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
اللهَ » إلخ ظرف
للصاعقة الثانية فإن الإنذار بالصاعقة بالحقيقة إنذار بوقوعها وحلولها فالمعنى مثل
حلول صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم إلخ.
ونسبة المجيء
إلى الرسل وهو جمع ـ مع أن الذي ذكر في قصتهم رسولان هما هود وصالح ـ باعتبار أن
الرسل دعوتهم واحدة والمبعوث منهم إلى قوم مبعوث لآخرين
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 375