تتكلم السورة
في استكبار الكافرين ومجادلتهم بالباطل ليدحضوا به الحق الذي يدعون إليه ولذلك
نراها تذكر جدالهم وتعود إليه عودة بعد عودة « ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ » «
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً
» « أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ».
فتكسر سورة
استكبارهم وجدالهم بذكر ما عاقب الله به الماضين من الأمم المكذبين وما أعد الله
لهم من العذاب المهين بذكر طرف مما يجري عليهم في الآخرة.
وتدحض باطل
أقاويلهم بوجوه من الحجج الناطقة بتوحده في الربوبية والألوهية وتأمر النبي صلىاللهعليهوآله بالصبر وتعده والمؤمنين به بالنصر ، وتأمرهم أن يؤذنهم
أنه مسلم لربه غير تارك لعبادته فلييأسوا منه.
والسورة مكية
كلها لاتصال آياتها وشهادة مضامينها بذلك ، وما قيل فيه من الآيات إنه نزل
بالمدينة لا يعبأ به وسيجيء الإشارة إليها إن شاء الله.
قوله تعالى « حم تَنْزِيلُ
الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ » التنزيل مصدر بمعنى المفعول فقوله : « تَنْزِيلُ الْكِتابِ » من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها والتقدير هذا كتاب
منزل من الله.
وتخصيص الوصفين
: «
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ » بالذكر قيل : للإشارة إلى ما في القرآن من الإعجاز وأنواع العلوم التي
يضيق عنها نطاق الأفهام ، وقيل : هو من باب التفنن.
والوجه أن يقال
: إن السورة لما كانت تتكلم حول جحد الجاحدين ومجادلتهم في
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 302