responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 16  صفحه : 99

فالفتنة والمحنة سنة إلهية لا معدل عنها تجري في الناس الحاضرين كما جرت في الأمم الماضين كقوم نوح وعاد ثمود وقوم إبراهيم ولوط وشعيب وموسى فاستقام منهم من استقام وهلك منهم من هلك وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

فعلى من يقول : آمنت بالله أن يصبر على إيمانه ويعبد الله وحده فإن تعذر عليه القيام بوظائف الدين فليهاجر إلى أرض يستطيع فيها ذلك فأرض الله واسعة ولا يخف عسر المعاش فإن الرزق على الله وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياه.

وأما المشركون الذين يفتنون المؤمنين من غير جرم أجرموه إلا أن يقولوا ربنا الله فلا يحسبوا أنهم يعجزون الله ويسبقونه فأما فتنتهم للمؤمنين وإيذاؤهم وتعذيبهم فإنما هي فتنة لهم وللمؤمنين غير خارجة عن علم الله وتقديره ، فهي فتنة وهي محفوظة عليهم إن شاء أخذهم بوبالها في الدنيا وإن شاء أخرهم إلى يوم يرجعون فيه إليه وما لهم من محيص.

وأما ما لفقوه من الحجة وركنوا إليه من باطل القول فهو داحض مردود إليهم والحجة قائمة تامة عليهم.

فهذا محصل غرض السورة ومقتضى ذلك كون السورة كلها مكية ، وقول القائل : إنها مدنية كلها أو معظمها أو بعضها ـ وسيجيء في البحث الروائي التالي ـ غير سديد ، فمضامين آيات السورة لا تلائم إلا زمن العسرة والشدة قبل الهجرة.

قوله تعالى : « الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ » الحسبان هو الظن ، وجملة « أَنْ يُتْرَكُوا » قائمة مقام مفعوليه ، وقوله : « أَنْ يَقُولُوا » بتقدير باء السببية ، والفتنة الامتحان وربما تطلق على المصيبة والعذاب ، والأوفق للسياق هو المعنى الأول ، والاستفهام للإنكار.

والمعنى : أظن الناس أن يتركوا فلا يتعرض لحالهم ولا يمتحنوا بما يظهر به صدقهم أو كذبهم في دعوى الإيمان بمجرد قولهم : آمنا؟

وقيل : المعنى : أظن الناس أن يتركوا فلا يبتلوا ببلية ولا تصيبهم مصيبة لقولهم : آمنا بأن تكون لهم على الله كرامة بسبب الإيمان يسلموا بها من كل مكروه يصيب الإنسان مدى حياته؟ ولا يخلو من بعد بالنظر إلى سياق الآيات.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 16  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست