نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 16 صفحه : 350
قلت : الظلم
والجهل في الإنسان وإن كانا بوجه ملاك اللوم والعتاب فهما بعينهما مصحح حمله
الأمانة والولاية الإلهية فإن الظلم والجهل إنما يتصف بهما من كان من شأنه الاتصاف
بالعدل والعلم فالجبال مثلا لا تتصف بالظلم والجهل فلا يقال : جبل ظالم أو جاهل
لعدم صحة اتصافه بالعدل والعلم وكذلك السماوات والأرض لا يحمل عليها الظلم والجهل
لعدم صحة اتصافها بالعدل والعلم بخلاف الإنسان.
والأمانة
المذكورة في الآية وهي الولاية الإلهية وكمال صفة العبودية إنما تتحصل بالعلم
بالله والعمل الصالح الذي هو العدل وإنما يتصف بهذين الوصفين أعني العلم والعدل
الموضوع القابل للجهل والظلم فكون الإنسان في حد نفسه وبحسب طبعه ظلوما جهولا هو
المصحح لحمل الأمانة الإلهية فافهم ذلك.
فقوله تعالى :
« إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » أي الولاية الإلهية والاستكمال بحقائق الدين الحق علما وعملا وعرضها هو
اعتبارها مقيسة إلى هذه الأشياء.
وقوله : « عَلَى السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ » أي هذه المخلوقات العظيمة التي خلقها أعظم من خلق الإنسان كما قال : « لَخَلْقُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ » المؤمن : ٥٧ وقوله : « فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ
مِنْها » إباؤها عن
حملها وإشفاقها منها عدم اشتمالها على صلاحية التلبس وتجافيها عن قبولها وفي
التعبير بالحمل إيماء إلى أنها ثقيلة ثقلا لا يحتملها السماوات والأرض والجبال.
وقوله : « وَحَمَلَهَا
الْإِنْسانُ » أي اشتمل على صلاحيتها والتهيؤ للتلبس بها على ضعفه وصغر حجمه « إِنَّهُ كانَ
ظَلُوماً جَهُولاً » أي ظالما لنفسه جاهلا بما تعقبه هذه الأمانة لو خانها من وخيم العاقبة
والهلاك الدائم.
وبمعنى أدق
لكون الإنسان خاليا بحسب نفسه عن العدل والعلم قابلا للتلبس بما
[١] فالآية الاولى
تحاذي الاولى والثانية تحاذي الثانية والثالثة.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 16 صفحه : 350