responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 16  صفحه : 25

والمعنى : ولما ورد موسى ماء مدين وجد على الماء جماعة من الناس يسقون أغنامهم ووجد بالقرب منهم مما يليه امرأتين تحبسان أغنامهما وتمنعانها أن ترد المورد قال موسى مستفسرا عنهما ـ حيث وجدهما تذودان الغنم وليس على غنمهما رجل ـ : ما شأنكما؟ قالتا لا نسقي غنمنا أي عادتنا ذلك حتى يصدر الراعون ويخرجوا أغنامهم وأبونا شيخ كبير ـ لا يقدر أن يتصدى بنفسه أمر السقي ولذا تصدينا الأمر.

قوله تعالى : « فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ » فهم عليه‌السلام من كلامهما أن تأخرهما في السقي نوع تعفف وتحجب منهما وتعد من الناس عليهما فبادر إلى ذلك وسقى لهما.

وقوله : « ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ » أي انصرف إلى الظل ليستريح فيه والحر شديد وقال ما قال ، وقد حمل الأكثرون قوله : « رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ » إلخ على سؤال طعام يسد به الجوع ، وعليه فالأولى أن يكون المراد بقوله « لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَ » القوة البدنية التي كان يعمل بها الأعمال الصالحة التي فيها رضى الله كالدفاع عن الإسرائيلي والهرب من فرعون بقصد مدين وسقي غنم شعيب واللام في « لِما أَنْزَلْتَ » بمعنى إلى وإظهار الفقر إلى هذه القوة التي أنزلها الله إليه من عنده بالإفاضة كناية عن إظهار الفقر إلى شيء من الطعام تستبقى به هذه القوة النازلة الموهوبة.

ويظهر منه أنه عليه‌السلام كان ذا مراقبة شديدة في أعماله فلا يأتي بعمل ولا يريده وإن كان مما يقتضيه طبعه البشري إلا ابتغاء مرضاة ربه وجهادا فيه ، وهذا ظاهر بالتدبر في القصة فهو القائل لما وكز القبطي : ( رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) ثم القائل لما خرج من مصر خائفا يترقب : « رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ » ثم القائل لما أخذ في السلوك : « عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ » ثم القائل لما سقى وتولى إلى الظل : « رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ » ثم القائل لما آجر نفسه شعيبا وعقد على بنته : « وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ ».

وما نقل عن بعضهم أن اللام في « لِما أَنْزَلْتَ » للتعليل وكذا قول بعضهم إن المراد بالخير خير الدين وهو النجاة من الظالمين بعيد مما يعطيه السياق.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 16  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست