نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 15 صفحه : 90
بالخطابات الأربعة الأول أو الثاني والثالث والرابع النبي صلىاللهعليهوآله والمقذوفة والمقذوف ففيه تفكيك بين الخطابات الواقعة في
الآيات العشر الأول وهي نيف وعشرون خطابا أكثرها لعامة المؤمنين بلا ريب.
وأسوأ حالا منه
قول بعض آخر إن الخطابات الأربعة أو الثلاثة المذكورة لمن ساءه ذلك من المؤمنين
فإنه مضافا إلى استلزامه التفكيك بين الخطابات المتوالية مجازفة ظاهرة.
والمعنى : إن
الذين أتوا بهذا الكذب ـ واللام في الإفك للعهد ـ جماعة معدودة منكم مرتبط بعضهم
ببعض ، وفي ذلك إشارة إلى أن هناك تواطؤا منهم على إذاعة هذا الخبر ليطعنوا به في
نزاهة بيت النبي صلىاللهعليهوآله ويفضحوه بين الناس.
وهذا هو فائدة
الخبر في قوله : « إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ » لا تسلية النبي صلىاللهعليهوآله أو تسليته وتسلية من ساءه هذا الإفك كما ذكره بعضهم فإن
السياق لا يساعد عليه.
وقوله : « لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ » مقتضى كون الخطاب لعامة المؤمنين أن يكون المراد بنفي
كونه شرا لهم وإثبات كونه خيرا أن المجتمع الصالح من سعادته أن يتميز فيه أهل
الزيغ والفساد ليكونوا على بصيرة من أمرهم وينهضوا لإصلاح ما فسد من أعضائهم ،
وخاصة في مجتمع ديني متصل بالوحي ينزل عليهم الوحي عند وقوع أمثال هذه الوقائع
فيعظهم ويذكرهم بما هم في غفلة منه أو مساهلة حتى يحتاطوا لدينهم ويتفطنوا لما
يهمهم.
والدليل على ما
ذكرنا قوله بعد : « لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ
» فإن الإثم هو الأثر السيئ الذي يبقى للإنسان عن اقتراف المعصية فظاهر الجملة أن أهل
الإفك الجائين به يعرفون بإثمه ويتميزون به عندكم فيفتضحون به بدل ما أرادوا أن
يفضحوا النبي صلىاللهعليهوآله.
وأما قول من
قال : إن المراد بكونه خيرا لهم أنهم يثابون بما اتهموهم بالإفك كما أن أهل الإفك
يتأثمون به فمبني على كون الخطاب للمتهمين خاصة وقد عرفت فساده.