نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 15 صفحه : 204
قوله تعالى : « يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً
» تتمة تمني
الظالم النادم على ظلمه ، وفلان كناية عن العلم المذكر وفلانة عن العلم المؤنث قال الراغب : فلان وفلانة كنايتان عن
الإنسان والفلان والفلانة ـ باللام ـ كنايتان عن الحيوانات. انتهى.
والمعنى : يا
ويلتي ـ يا هلاكي ـ ليتني لم أتخذ فلانا ـ وهو من اتخذه صديقا يشاوره ويسمع منه
ويقلده ـ خليلا.
وذكر بعضهم :
أن فلانا في الآية كناية عن الشيطان ، وكأنه نظرا إلى ما في الآية التالية من حديث
خذلان الشيطان للإنسان غير أن السياق لا يساعد عليه.
ومن لطيف
التعبير قوله في الآية السابقة : « يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ » إلخ وفي هذه الآية : « يا وَيْلَتى
لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ » إلخ فإن في ذلك تدرجا لطيفا في النداء والاستغاثة فحذف المنادي في الآية
السابقة يلوح إلى أنه يريد أي منج ينجيه مما هو فيه من الشقاء وذكر الويل بعد ذلك
ـ في هذه الآية يدل على أنه بان له أن لا يخلصه من العذاب شيء قط إلا الهلاك
والفناء ، ولذلك نادى الويل.
قوله
تعالى : « لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ
جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً »
تعليل للتمني السابق والمراد بالذكر مطلق ما جاءت به الرسل أو خصوص الكتب السماوية
وينطبق بحسب المورد على القرآن.
وقوله : « وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً » من كلامه تعالى ويمكن أن يكون تتمة لكلام الظالم ذكره
تأسفا وتحسرا.
والخذلان
بضم الخاء ترك من يظن به أن ينصر نصرته ، وخذلانه أنه يعد الإنسان أن ينصره على كل
مكروه إن تمسك بالأسباب ونسي ربه فلما تقطعت الأسباب بظهور القهر الإلهي يوم الموت
جزئيا ويوم القيامة كليا خذله وسلمه إلى الشقاء ، قال تعالى : « كَمَثَلِ الشَّيْطانِ
إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ
» الحشر : ١٦ وقال فيما يحكي عن الشيطان يوم القيامة : « ما أَنَا
بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ
مِنْ قَبْلُ » إبراهيم : ٢٢.
وفي هذه الآيات
الثلاث إشعار بل دلالة على أن السبب العمدة في ضلال أهل الضلال ولاية أهل الأهواء
وأولياء الشيطان ، والمشاهدة يؤيد ذلك.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 15 صفحه : 204