responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 122

وقوله : « اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » النور معروف وهو الذي يظهر به الأجسام الكثيفة لأبصارنا فالأشياء ظاهرة به وهو ظاهر مكشوف لنا بنفس ذاته فهو الظاهر بذاته المظهر لغيره من المحسوسات للبصر. هذا أول ما وضع عليه لفظ النور ثم عمم لكل ما ينكشف به شيء من المحسوسات على نحو الاستعارة أو الحقيقة الثانية فعد كل من الحواس نورا أو ذا نور يظهر به محسوساته كالسمع والشم والذوق واللمس. ثم عمم لغير المحسوس فعد العقل نورا يظهر به المعقولات كل ذلك بتحليل معنى النور المبصر إلى الظاهر بذاته المظهر لغيره.

وإذ كان وجود الشيء هو الذي يظهر به نفسه لغيره من الأشياء كان مصداقا تاما للنور ، ثم لما كانت الأشياء الممكنة الوجود إنما هي موجودة بإيجاد الله تعالى كان هو المصداق الأتم للنور فهناك وجود ونور يتصف به الأشياء وهو وجودها ونورها المستعار المأخوذ منه تعالى ووجود ونور قائم بذاته يوجد ويستنير به الأشياء.

فهو سبحانه نور يظهر به السماوات والأرض ، وهذا هو المراد بقوله : « اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » حيث أضيف النور إلى السماوات والأرض ثم حمل على اسم الجلالة ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول من قال : إن المعنى الله منور السماوات والأرض ، وعمدة الغرض منه أن ليس المراد بالنور النور المستعار القائم بها وهو الوجود الذي يحمل عليها تعالى الله عن ذلك وتقدس.

ومن ذلك يستفاد أنه تعالى غير مجهول لشيء من الأشياء إذ ظهور كل شيء لنفسه أو لغيره إنما هو عن إظهاره تعالى فهو الظاهر بذاته له قبله ، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى بعد آيتين : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ » إذ لا معنى للتسبيح والعلم به وبالصلاة مع الجهل بمن يصلون له ويسبحونه فهو نظير قوله : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ » إسراء : ٤٤ ، وسيوافيك البحث عنه إن شاء الله.

فقد تحصل أن المراد بالنور في قوله : « اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » نوره تعالى من حيث يشرق منه النور العام الذي يستنير به كل شيء وهو مساو لوجود كل شيء وظهوره في نفسه ولغيره وهي الرحمة العامة.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست