نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 14 صفحه : 79
فأولئك يوفون أجرهم ، والدليل على ذلك قوله بعده : « وَلا يُظْلَمُونَ
شَيْئاً » فإنه من
لوازم توفية الأجر لا من لوازم دخول الجنة.
قوله
تعالى : « جَنَّاتِ عَدْنٍ
الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا
» العدن الإقامة ففي تسميتها به إشارة إلى خلودها لداخليها ،
والوعد بالغيب هو الوعد بما ليس تحت إدراك الموعود له ، وكون الوعد مأتيا عدم
تخلفه ، قال في المجمع : والمفعول هنا بمعنى الفاعل لأن ما أتيته فقد أتاك وما
أتاك فقد أتيته يقال : أتيت خمسين سنة وأتت علي خمسون سنة ، وقيل : إن الموعود
الجنة والجنة يأتيها المؤمنون انتهى.
قوله
تعالى : « لا يَسْمَعُونَ فِيها
لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا » عدم سمع اللغو من أخص صفات الجنة وقد ذكره الله سبحانه
وامتن به في مواضع من كلامه وسنفصل القول فيه إن شاء الله في موضع يناسبه ،
واستثناء السلام منه استثناء منفصل ، والسلام قريب المعنى من الأمن ـ وقد تقدم
الفرق بينهما ـ فقولك : أنت مني في أمن معناه لا تلقى مني ما يسوءك ، وقولك : سلام
مني عليك معناه كل ما تلقاه مني لا يسوءك. وإنما يسمعون السلام من الملائكة ومن
رفقائهم في الجنة ، قال تعالى حكاية عن الملائكة « « سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
» الزمر : ٧٣ ، وقال : « فَسَلامٌ لَكَ مِنْ
أَصْحابِ الْيَمِينِ » الواقعة ـ ٩١.
وقوله ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً
وَعَشِيًّا ) الظاهر أن إتيان الرزق بكرة وعشيا كناية عن تواليه من
غير انقطاع.
قوله
تعالى : « تِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا » الإرث
والوراثة هو أن ينتقل
مال أو ما يشبهه من شخص إلى آخر بعد ترك الأول له بموت أو جلاء أو نحوهما ، وإذ
كانت الجنة في معرض العطاء لكل إنسان بحسب الوعد الإلهي المشروط بالإيمان والعمل
الصالح فاختصاص المتقين بها بعد حرمان غيرهم عنها بإضاعة الصلاة واتباع الشهوات
وراثة المتقين ، ونظير هذه العناية ما في قوله تعالى : « أَنَّ الْأَرْضَ
يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ » الأنبياء : ١٠٥ ، وقوله : « وَقالُوا الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ
حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ
» الزمر : ٧٤ ، والآية ـ
كما ترى ـ جمعت بين الإيراث والأجر.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 14 صفحه : 79