responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 14  صفحه : 224

« فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ » فإن يأتكم زيد عليه ما ونون التأكيد للإشارة إلى وقوع الشرط كأنه قيل : إن يأتكم مني هدى ـ وهو لا محالة آت ـ فمن اتبع « إلخ ».

وفي قوله : « فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ » نسبة الاتباع إلى الهدى على طريق الاستعارة بالكناية ، وأصله : من اتبع الهادي الذي يهدي بهداي.

وقوله : « فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى » أي لا يضل في طريقه ولا يشقى في غايته التي هي عاقبة أمره ، وإطلاق الضلال والشقاء يقضي بنفي الضلال والشقاء عنه في الدنيا والآخرة جميعا وهو كذلك فإن الهدى الإلهي هو الدين الفطري الذي دعا إليه بلسان أنبيائه ، ودين الفطرة هو مجموع الاعتقادات والأعمال التي تدعو إليها فطرة الإنسان وخلقته بحسب ما جهز به من الجهازات ، ومن المعلوم أن سعادة كل شيء هو ما تستدعيه خلقته بما لها من التجهيز لا سعادة له وراءه ، قال تعالى : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » الروم : ٣٠.

قوله تعالى : « وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » قال الراغب : العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو أخص من الحياة لأن الحياة يقال في الحيوان وفي الباري تعالى وفي الملك ويشتق منه المعيشة لما يتعيش منه ، قال تعالى : « نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » « مَعِيشَةً ضَنْكاً » انتهى ، والضنك هو الضيق من كل شيء ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، يقال : مكان ضنك ومعيشة ضنك وهو في الأصل مصدر ضنك يضنك من باب شرف يشرف أي ضاق.

وقوله : « وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي » يقابل قوله في الآية السابقة : « فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ » وكان مقتضى المقابلة أن يقال : « ومن لم يتبع هداي » وإنما عدل عنه إلى ذكر الإعراض عن الذكر ليشير به إلى علة الحكم لأن نسيانه تعالى والإعراض عن ذكره هو السبب لضنك العيش والعمى يوم القيامة ، وليكون توطئة وتمهيدا لما سيذكر من نسيانه تعالى يوم القيامة من نسيه في الدنيا.

والمراد بذكره تعالى أما المعنى المصدري فقوله : « ذِكْرِي » من إضافة المصدر إلى مفعوله أو القرآن أو مطلق الكتب السماوية كما يؤيده قوله الآتي : « أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها » أو الدعوة الحقة وتسميتها ذكرا لأن لازم اتباعها والأخذ بها ذكره تعالى.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 14  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست