responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 14  صفحه : 219

إذا تعلق بها ونسي مقام ربه ظهرت له سوآت الحياة ولاحت له مساوئ الشقاء بنزول النوازل وخيانة الدهر ونكول الأسباب وتولي الشيطان عنه فطفق يخصف عليه من ظواهر النعم يستدرك بموجود نعمة مفقود أخرى ويميل من عذاب إلى ما هو أشد منه ويعالج الداء المؤلم بآخر أكثر منه ألما حتى يؤمر بالخروج من جنة النعمة والكرامة إلى مهبط الشقاء والخيبة.

فهذه هي التي مثلت لآدم عليه‌السلام إذ أدخله الله الجنة وضرب له بالكرامة حتى آل أمره إلى ما آل إلا أن واقعته عليه‌السلام كانت قبل تشريع أصل الدين وجنته جنة برزخية ممثلة في عيشة غير دنيوية فكان النهي لذلك إرشاديا لا مولويا ومخالفته مؤدية إلى أمر قهري ليس بجزاء تشريعي كما تقدم تفصيله في تفسير سورتي البقرة والأعراف.

قوله تعالى : « وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً » المراد بالعهد الوصية وبهذا المعنى يطلق على الفرامين والدساتير العهود ، والنسيان معروف وربما يكنى به عن الترك لأنه لازمه إذ الشيء إذا نسي ترك ، والعزم القصد الجازم إلى الشيء قال تعالى : « فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ » آل عمران : ١٥٩ وربما أطلق على الصبر ولعله لكون الصبر أمرا شاقا على النفوس فيحتاج إلى قصد أرسخ وأثبت فسمي الصبر باسم لازمه قال تعالى : « إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ».

فالمعنى وأقسم لقد وصينا آدم من قبل فترك الوصية ولم نجد له قصدا جازما إلى حفظها أو صبرا عليها والعهد المذكور ـ على ما يظهر من قصته عليه‌السلام في مواضع من كلامه تعالى ـ هو النهي عن أكل الشجرة ، بمثل قوله : « لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ». الأعراف : ١٩.

قوله تعالى : « وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى » معطوف على مقدر والتقدير اذكر عهدنا إليه واذكر وقتا أمرنا الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس حتى يظهر أنه نسي ولم يعزم على حفظ الوصية ، وقوله : « أَبى » جواب سؤال مقدر تقديره ما ذا فعل إبليس؟ فقيل : أبى.

قوله تعالى : « فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى » تفريع على إباء إبليس عن السجدة أي فلما أبى قلنا إرشادا لآدم إلى ما فيه

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 14  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست